+A
A-

كلمات وقصائد لفَّها شريان الوفاء وذكريات تتكسر فوق زجاج الدموع


كانت أمسية مرَّت بكفَّيها فوق الجباه الناحبات، ودقَّت فيها طبول الشوق بلا انقطاع. أمسية حملت لواء واسم الفنان الراحل الكبير سلمان زيمان بجمعية المنبر التقدمي مساء  (الاحد) بعنوان" أمسية الأمل والحياة لسلمان زيمان"، شارك فيها محبيه وأصدقائه بكلمات وقصائد يلفُّها شريان الوفاء، وحزمة الذكريات التي تتكسر فوق زجاج الدموع، وسط حضور غفير ملأ المكان.
في مستهل الحفل، ألقى الفنان إبراهيم راشد الدوسري، كلمة استعرض فيها
سيرة حياة الراحل موضحاً أنه ولد ونشأ في مدينة المحرق، وعاش فترة طويلة في بيت كبير تقطن فيه أكثر من أسرة من أفراد العائلة، وكان البيت مشهوراً بـ"بيت بن نبهان"، وكان يسكن في البيت الجد والجدة ووالده دعيج وعمه وأسرهم، وكل أسرة تقطن في حجرة خاصة في البيت الكبير، بالإضافة إلى عائلة بن نبهان، وكان البيت يقع في حي علي راشد فخرو، في وسط فريج بن هندي.
ثم انتقل بعد فترة جده وأبيه إلى بيت مستقل، حيث تم بناء بيت بجوار بيت بن نبهان، وكان عمر الفنان سلمان عند الانتقال إلى بيت جده ووالده 6 - 7 سنوات، وتم الاستقرار في البيت الجديد، والذي يتميز بالهدوء والمحبة بين أفراده.
أغلب الأخوات والإخوة لهم ميول فنية ومتذوقين للموسيقى والفنون، وكان والده يعمل في شركة بابكو بنظام النوبات، وأما والدته فكانت ذات شخصية قوية ولها اهتمام بحفظ الأمثال الشعبية.
ويضيف الدوسري: "وكان يحيط بالبيت الذي عاش فيه دور الغناء والطرب الشعبي الذي تأثر به وعشق من بين آلاته الموسيقية آلة الإيقاع، وخصوصاً الطبل. وقد كان الفنان سلمان منذُ طفولته من المشاركين في مناسبة القرقاعون والبارزين من أقرانه في هذه المناسبة الرمضانية. وخلال الإجازة الصيفية كان يعمل في عدد من الشركات وجمع مبلغ 45 دينار ورغب بشراء طقم إيقاعات ورام ست، ولكن كان المبلغ المطلوب 100 دينار وقام بشراء جيتار أسباني، وبدأ يتعلم على طريقة العزف عليه حتى استطاع إجازة العزف واستمر الجيتار آلته الموسيقية المحببة لديه طيلة مشواره الموسيقي".
كما تحدث الدوسري عن انضمام سلمان زيمان إلى نادي الجيل مبيناً في هذا الجانب، أنه التحق بالنادي وهو في المرحلة الثانوية، وشارك في الفرقة الموسيقية بالنادي من خلال تلحين المنولوجات الاجتماعية والشيلات الرياضية، وكان لشقيقه الأكبر الأستاذ عبدالرحمن الدور البارز في تشجيعه لمواصلة مشواره الفني، وأيضاً قام سلمان بتشجيع أخيه المايسترو على مواصلة اهتمامه بالموسيقى حتى التحاقه بمعهد الموسيقى العربية بالقاهرة حتى تخرجه.


كما ألقى الفنان عيسى هجرس كلمة مثل المطر المنهمر من الأعماق قال فيها:
أنت شجرة ستظل تحتها الكثير من العشب، واحتضنت الأوفياء، وفي ربوع أغصانها سكنت الطيور، وسبحت النسائم وزغردت المواسم. ولكن السعادة عمرها قصير.
وبدوره شكر على حسن في كلمته نيابة عن عائلة بن زيمان، جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي على تنظيم هذه الأمسية لتأبين الفقيد الراحل أبوسلام، ثم قال فيها: "أخي أبا سلام لقد تعلمنا منك العطاء والتفاني وحب الآخرين دون انتظار مقابل، فأنت مدرسة في الفن الراقي المعبر عن الحب والسلام والخير لكل البشرية.
كنت حمامة سلام في موقفك الوطني عابراً للطوائف والأحزاب والتيارات، مؤمن بولائك لوطنك وقيمك الإنسانية التي تعلو فوق كل العصبيات الفئوية والمذهبية.
وبعدها ألقى الدكتور حسن مدن كلمة بالمناسبة تحدث فيها عن علاقته بالفنان الراحل وبدايات الولع بالموسيقى، موضحاً أنه منذ عرفه وهو متعلقاً بالموسيقى. وكان الجيتار يلازمه في الشقة التي شاركهم العيش فيها لفترة في منطقة الأعظمية ببغداد، عليه يعزف ويغني الأغاني الوطنية، والأغاني اليمنية التي تعلّق بها، وقدّم فيما بعد مجموعة منها في ألبوماته بصوته العذب الحنون، مضفياً عليها روحه، فأحبّها الناس، الذين عرفوا الكثير منها، لأول مرة، بحنجرته".
وتابع مدن:
"نجح سلمان زيمان ورفاقه في (أجراس) وبينهم أشقاء وشقيقات له، والتي تأسست في مطالع الثمانينات، ولم تنقطع فعالياتها حتى مطالع هذه الألفية، في أن يجعل من الفرقة علامة فنية فرضت نفسها في البحرين وخارجها، وباتت جزءاً من ذاكرة مضيئة في الحياة الفنية والوطنية في بلدنا والخليج، وكان لها شأن كبير في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
وبعد حين استقرّ سلمان زيمان في دولة الكويت الشقيقة، التي عاش فيها عدة سنوات، فكان له هناك أيضاً حضوره الغنائي والموسيقى الواسع، وأصبح وجهاً وفنياً معروفاً فيها وكان محل تقدير واحترام كبيرين في الأوساط الوطنية والفنية والثقافية فيها، التي تذكرته بحزن بعد رحيله المباغت".
واختتم مدن كلمته بأن الراحل لم يقتصر في انتقائه كلمات أغانيه على النصّ البحريني وحده، وإنما اختار نصوصاً عربية، الجزء الأكبر منها لأبرز شعراء فلسطين المعاصرين، وفي مقدمتهم محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد، حتى أصبح له ولفرقة "أجراس" تراث غنائي وموسيقي تضامناً مع القضية الفلسطينية يبلغ عشرات الأغاني، بشكل جعل البحرين في مقدمة الدول العربية التي غنَّت لفلسطين.
بعدها خرج الشعر من جوف الليل مجتازاً كل المسافات نحو روح "بوسلام" حيث ألقى كل من الشاعرين عبدالحميد القائد، وإبراهيم المنسي، قصائد بمصاحبة الفنان علي الديري على آلة العود، واختتمت الأمسية بفقرة غنائية.