العدد 4971
الأربعاء 25 مايو 2022
banner
شعبية بايدن أم أزمة أميركا؟
الأربعاء 25 مايو 2022

قبل بضعة أيام أظهرت استطلاعات رأي أجرتها شبكة "إن بي سي" الإخبارية الأميركية، أن نسبة الذين يوافقون على أداء الرئيس بايدن من الأميركيين وصلت إلى 39 %، وأن الرافضين لأدائه بلغوا 56 %، فيما تقلصت نسبة الذين ينظرون إلى إداراته نظرة إيجابية إلى 37 %، هل هذه الأرقام تعكس أزمة بايدن وحكومته المرتبكة، أم هي ترجمة لواقع امبراطورية مأزومة؟
تلعب كاريزما الرئيس من دون أدنى شك دورا واضحا في نجاحات أو إخفاقات أية إدارة أميركية، لهذا يلقي الكثير من المراقبين اللوم على الرئيس بايدن، رغم أنه يتمتع بخبرة سياسية هائلة تصل لأكثر من أربعة عقود، وافتقد بايدن لأسباب منها ما هو متعلق بحالته الصحية، وبعضها الآخر موصول بتطورات الأحداث الدولية، إلى مواصفات القيادة الحاسمة والحازمة، تلك رآها البعض في آيزنهاور، كيندي، وصولا إلى ريغان. 
القائمون على تحليل المشهد الأميركي الحالي يرون أن هناك تشابها كبيرا، مع نهايات إدارة جيمي كارتر الرئيس الديمقراطي بالعام 1981، خصوصا حين بدت قبضة الولايات المتحدة ضعيفة أمام امتهان كرامة أميركا في إيران، إلى أن ظهر الجمهوري رونالد ريغان على سطح الأحداث، وليضحى لاحقا الرجل الذي فكك الامبراطورية السوفيتية. يبدو بايدن شبيه كارتر في عيون العديد من المحللين السياسيين الأميركيين، لاسيما في ضوء انتكاسات الخارج سياسيا، وقلاقل الداخل اقتصاديا.. هل أخطأ بادين حين سلك طريق ما يمكن أن نطلق عليه "المكايدة السياسية"، على الصعيد الدولي؟
 يمكن اعتبار ذلك كذلك، والدليل، القرار غير العقلاني الخاص بوقف واردات النفط الروسية، الأمر الذي انعكس سلبا على مقدرات الاقتصاد الأميركي، من خلال زيادة أسعار المحروقات في الداخل، وما تبعها من ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الغذائية ومختلف الخدمات، لاسيما في قطاع النقل. لا يبدو أن أعضاء إدارة الرئيس بايدن لهم دالة على ضبط الأسعار، كما أن رهاناتهم على تحسن الأحوال خلال الصيف، أضغاث أحلام، خصوصا أن مشهد الطاقة في العالم مرشح للمزيد من الاضطراب بعد دخول فنلندا والسويد حلف الأطلسي، وردات الفعل المتوقعة من قبل القيصر بوتين. 
تبدو الأزمات الأميركية معقدة ومركبة، متداخلة ومتشابكة، بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي، وبينهما تطفو على السطح أمراض اجتماعية مخيفة حقا على مآلات البلاد.
خذ إليك على سبيل المثال لا الحصر حوادث إطلاق النار الأخيرة، فما جرى في نيويورك حدث من منطلق عنصري جعل البلاد تهتز لفداحته، وأطلق بوق القرن منذرا ومحذرا من الهول الآتي من بعيد.
أما حادث كاليفورنيا فجرت به المقادير برسم عرقي، حيث أقدم صيني على إطلاق النار على تايوانيين خلال مراسم صلاة، ما يفيد أن الجريمة قائمة على أسس من الكراهية، وفي هذا خوف كبير على مستقبل نظرية "بوتقة الانصهار"، أساس أميركا المهاجرة. 
هل الأوضاع في الداخل مرشحة لمزيد من التدهور الذي ينعكس حكما على رؤية الأميركيين لمستقبل إدارة بايدن وشخص الرئيس نفسه؟
في الغالب الأعم ذلك كذلك، لاسيما أن هناك أصواتا مرتفعة ترى أن نوفمبر المقبل، بداية إرهاصات لقارعة أميركية غير مسبوقة والعهدة على روبرت كاغان رجل مشروع القرن الأميركي وتوماس فريدمان عراب العولمة.. هل هذه أخبار طيبة للعالم؟
بالقطع لا، إذ لا تزال أميركا رمانة ميزان عالم مضطرب، وتفككها أو تدهورها في هذه الأوقات أمر قاتل لبقية الكون.. كيف ذلك؟
إلى قراءة قادمة.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .