العدد 4863
الأحد 06 فبراير 2022
banner
“أوميكرون” والتفشي والفرص الهائلة
الأحد 06 فبراير 2022

ليست عبثًا للأقدار تلك الأحوال التي يمر بها عالمنا هذه الأيام، فالكون مهيض إلى درجة من الصعب التكهن فيها بنهاية جائحة، أو بداية أخرى، نهاية أرض أو بداية كوكب، صرامة تعاطٍ، أو تراخٍ عند المواجهة.
“أوميكرون” تفشى في البشرية جمعاء بشكل لم يسبق له مثيل منذ “مطلع” الجائحة، وأعداد الإصابات على المستوى المحلي تقترب من سقف العشرة آلاف إصابة يوميًا، حتى غرف العناية المركزة بدأت تنتقل من اللون الأخضر إلى ألوان أخرى، والوفيات من الصفر إلى أرقام نحمد الله أنها مازالت لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة يوميًا.
قد تكون تلك هي المرة الأولى منذ سنتين التي تختفي فيها “المسحات السريعة” للفيروس، فلا الصيدليات تفي، ولا المستشفيات توفر، ولا الجهات المعنية تمتلك المبادرة وحق الأسبقية في قراءة خارطة الانتشار للمتحور الجديد.
على أية حال الوعود والتصريحات تؤكد احتمال توفر المسحات السريعة في غضون أيام قلائل، والناس يهرعون؛ خوفًا من أن يصل التفشي إليهم بعد أن تجاوزت الحالات المصابة لأكثر من 50 ألفًا دفعة واحدة.
صحيح أن الأعراض مازالت خفيفة، وصحيح أن من يتلقون العلاج في بيوتهم أكبر بكثير من الذين يتلقونه داخل المستشفيات، لكن الصحيح أيضًا أن الفيروس اللعين يقوم بالتحور وهو داخل عائله الوحيد “الإنسان”.
من هنا لم يعلم أحد شيئًا عن ذلك المدى الذي يمكن أن يبلغه “التحور” عندما يصيب الفيروس البشر، وعندما يبقى لأكثر من ثلاثة أيام مثلاً.
رغم ذلك ورغم غموض الصورة، وضبابية المشهد إلا أن الجامعات سوف تدخل أو أنها دخلت بالفعل مرحلة جديدة من التحدي، ومنظومة التعليم والبحوث نعتقد بأنها قد آن لها أن تحول هذه المخاطر إلى مكاسب، وتلك المشاهد إلى سيناريوهات مبهجة، وسجالات واسعة تؤكد قبولنا للتحدي.
الثورة الصناعية الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو تلك الملقبة بالهائلة آن لها أن تتحرك، أن تتجلى، أن تكشر عن أنيابها، وعلماؤنا، وأكاديميونا وطلبتنا مطلوب منهم أن يفكروا خارج جميع الصناديق التقليدية الماضية، وأن يبدأوا فورًا في سبر أغوار مجهول قد يمكننا من تحويل المخاوف إلى انتصارات أسطورية، والهزائم إلى مكامن قوة وإرادة وقدرة على المواجهة تحت جميع الظروف والمناخات وأشباح الإخفاقات.
بات لزامًا علينا أن نطلق شعارًا جديدًا يحمل اسم “تمكين الجامعات”، ليس مهمًا أن تكون تلك الجامعات حكومية أم خاصة أم بين بين، وليس مهمًا أن تكون الجامعات المستهدفة قد حققت البعيد على طريق أهداف النماء المستدام، لكن المهم أن نتبصر مع الجامعات التي حصلت على تقييمات متقدمة جدًا في مضامير جودة التعليم وفي تزكيات واعتماديات وتراتبيات مؤسسات التصنيف العالمية، وفي معايير ومقاييس الأمم المتحدة على طريق التنمية المستدامة.
ونحمد الله ونشكر فضله أن الجامعة الأهلية تمكنت رغم ارتباك الصورة من أن تكون في طليعة الجامعات العالمية التي حققت مرتبة متقدمة جدًا في معايير الجودة على طريق النماء المستدام وفقًا لمعايير الأمم المتحدة، وأن الجامعة الأهلية على هذا الطريق تمكنت من بلوغ مراتب أكثر من متقدمة في البحث العلمي وفي قدرة أكاديمييها على تبوء منصات عالية، محققة إنجازات غير مسبوقة في العديد من المجالات خاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات، ومختلف المعارف والمنصات العلمية الأخرى.
أمامنا فرصة كبيرة لكي نفكر بصورة أعمق ونحن في نفق الجائحة، كيف نحقق ذلك الخروج الآمن؟ ومتى يتم كبح الجماح من دون خسائر؟ وهل نحن قادرون بالفعل على تحويل انكساراتنا إلى انتصارات، وإرهاصاتنا إلى وعود بغد أجمل بإذن الله؟ أعتقد أن خبراتنا على المحك، وإرادتنا على طريق الوصول، وأحلامنا لا تُحد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية