العدد 4856
الأحد 30 يناير 2022
banner
جائحة ولا أخطر..!!
الأحد 30 يناير 2022

يبدو أننا لسنا في نهاية جائحة مثلما قالت لنا الناس، ويبدو أن غارات الفيروس اللعين لم تتوقف عن الكلام المباح؛ لأنها مازالت مطلقة السراح، وأن الذين خرجوا من خنادقهم والذين فكوا حصار السنين والذين لم يميطوا اللثام عن أشكال حياتهم صدمتهم الجائحة بمتحور جديد أطلق عليه العلماء “أميكرون” بصرف النظر إذا كان لدينا متحور واحد معروف، ومتحورات أخرى غير معروفة وغير مفهومة وغير معلومة، إلا أن وصول أعداد المصابين لدينا لما يفوق الخمسة آلاف لأول مرة منذ التفشي الرهيب يدفعنا إلى الخروج للناس؛ لكي نحذرهم من انسيابية الانطلاق المجتمعي وكأن شيئا لم يكن، صحيح أننا لن ننادي بالغلق الاقتصادي؛ لأن الخطر الداهم لم يزل بعيداً وأن أعداد من هم في العناية المركزية لا يكاد يتجاوز العشرة مصابين، والوفيات تصل إلى حدود متناهية في الضآلة تحت أي مقياس طبي، وأي معيار زمني، إلا أن الحذر الشديد قد أصبح واجباً.
التوافق الحكومي المجتمعي على حد سواء أصبح من الأهمية بمكان بحيث يجب ألا يغفل الجميع ضراوة انتشار المتفشي الجديد، والمتحور الغامض، والفيروس القادر على التلون بألف لون ولون.
يقولون إنها بداية النهاية لهذه الجائحة وربما تحولها لأول مرة من جائحة كونية إلى وباء مكاني، ويقولون الوقت مازال مبكراً للحكم على مسارات الفيروس اللعين، وأن الواقع هو خير برهان، وأعداد الإصابات هي خير دليل، وبروتوكولات التعاطي مع ساعات الحسم الأخيرة ينبغي أن تأخذ في جميع الأحوال مجراها، وتتخذ من القرارات ما يناسب مساراتها ووجهاتها وضحاياها.
ينبغي مثلاً أن يكون للاحتراز الواجب ألف وجه ووجه، وأن يكون التعاون والتكاتف مع اللجنة التنسيقية العليا والفريق الوطني ألف دور ودور، وأن نرتفع بالوعي المجتمعي إلى حدود وسقوف جديدة، وإلى آفاق أكثر دقة واحترازاً مما نحن عليه، ذلك أن ما نحن فيه يدفعنا إلى ضرورة التوقف عن زيادة الانتشار على هيئة متوالية هندسية يصعب التحكم في وجهتها ولا حتى في آثارها.
نريد أن يكون للتباعد الاجتماعي وجهته المعتبرة، وللتكاتف المجتمعي توجهه المحمود ودقته المتناهية، وللتحذير مما قد لا تحمد عقباه، ذلك الإنذار المدوي الذي لا يجب أن يؤرق مسامع المتفائلين من أن الجائحة رغم أنها أصبحت أقل فتكاً، لكنها مازالت أشد ضراوة، وأن الاستخفاف بما هو موجود، وأنه “لن يصيبنا الا ما كتبه الله لنا” سوف يدفعنا إلى القول بأننا لا يجب أن نلقي بأنفسنا إلى التهلكة والله خير حافظاً.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية