العدد 4854
الجمعة 28 يناير 2022
banner
شركة المحاصة
الجمعة 28 يناير 2022

قوانين الشركات تسمح بعدة أنواع من الشركات لإتاحة الفرصة لممارسة التجارة عبر أشكال مؤسسية قانونية متنوعة. ومن أنواع الشركات نجد شركة المحاصة (جوينت فينشر) والاسم مأخوذ من “التحاص” أي القسمة أو الاقتسام بالنسبة بين الشركاء. وبالرغم من كثرة استخدام مصطلح (الجوينت فينشر) إلا أننا نلاحظ أن استخدامه في بعض الحالات يتم خارج الإطار الصحيح لأنه يطلق على كل عمل تجاري حتى لو لم يأخذ الشكل القانوني وفق التعريف القانوني لشركة المحاصة. وذلك قد يعود لأن هذا النوع من النشاط قد لا يعتبر شركة، ويكون من المناسب، عند ورود اللفظ، تبين الإطار الذي تم استخدام التعبير فيه.

وفق أحكام القوانين، نجد أن لشركة المحاصة طعما ونكهة خاصة. مع ملاحظة أن تعريفها مختلف في بريطانيا عما هو في فرنسا وألمانيا، ولكن أهم ما يميز المحاصة عن الشركات الأخرى أنها تظل الشركة الوحيدة التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية القانونية كما وأنها لا تخضع لإجراءات الشهر المفروضة على جميع الشركات لأن شركة المحاصة تستتر عن الغير (الطرف الثالث). قد يكون هناك من يرغب في ممارسة العمل التجاري المؤسسي ولكنه، لا يرغب في كشف هذا النشاط لأي سبب من الأسباب التي تخصه، وبموجب القانون فإن مثل هذا الشخص يجد ضالته في “المحاصة” لأنها لا تشهر ولا تسجل وتظل شركة مستترة عن الغير على عكس أنواع الشركات الأخرى التي يفرض عليها القانون الإشهار.  
كل الشركات تنشأ بموجب العقد المبرم بين الشركاء، وبالنسبة لشركة المحاصة فإن هذا العقد هو الأساس في تحديد مسار العلاقة بين الشركاء وهو الفيصل في تحديد حقوقهم والتزاماتهم ويبين كل التفاصيل والشروط شاملة كيفية اقتسام أرباح الشركة وخسائرها بعد مراجعة الحسابات وتدقيقها في آخر العام. وكما ذكرنا فإنه لا يتم الكشف عن المحاصة للغير لأنها مستترة وليس هناك علاقة قانونية مع الشركة لأي طرف ثالث يتعامل معها وتكون علاقته (الطرف الثالث) مع الشريك (الشركاء) الذي تعاقد معه لأن المحاصة ليس لها شخصية اعتبارية قانونية تمكنها من التعاقد والعمل مع الغير. وكاستثناء لهذه القاعدة العامة يجوز للطرف الثالث، في بعض الحالات، التمسك بالتعامل بعقد الشركة إذا توفر لديه ما يثبت أن الشركة تعاملت معه بصفتها كشركة قائمة وهي تتعامل معه بهذه الصفة وليس عن طريق أي من الشركاء. ولمن يرغب في التمسك بالتعامل مع الشركة وليس أفرادها فإننا ننصح بتوضيح هذا في المستندات القانونية الخاصة بالتعامل. 
قد تكون الشركة مؤقتة لعمل معين أو سلسلة من الأعمال يؤديها أحد الشركاء باسمه على أن يقتسم الربح بينه وبين الشركاء وفق الاتفاق. ومن إيجابيات هذا النوع من الشركات أنه يتيح الفرصة لأشخاص مبتدئين للاتفاق فيما بينهم على تأسيس المحاصة والعمل سويا وقد تكون البداية بمبلغ زهيد ويبدأ عملهم التجاري الذي قد يزدهر، ومن المعلوم أن هناك من لا يرغب في كشف نشاطه التجاري لأسباب شخصية أو اشتراطات وظيفية أو مهنية أو غيره. ونلاحظ أن هذا النوع من الشركات يوفر الفرصة لشركات كبيرة أو بلدان للاتفاق لتأسيس شركة المحاصة لعمل مشروع أو مشروعات تدر الأرباح الطائلة وتوفر الأفكار المتعددة، ونأخذ مثلا الاتفاق بين انجلترا وفرنسا لحفر القنال الانجليزي أو الاتفاق المشترك القائم بين أميركا وكندا لاستكشاف النفط في القطب الشمالي أو الاتفاق ابين شركات الطيران العالمية لتأسيس محاصة للاشتراك في نقل البضائع والأمتعة أو الركاب. والأمثلة عديدة لأعمال ناجحة تتم عبر هذا النوع من الشركات، والفرصة متاحة هنا للشباب للولوج في الاستثمار عبر تأسيس المحاصة وإبرام عقود واضحة تأتي بالخير للجميع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .