+A
A-

فيلم "لا تنظر إلى السماء".. بناء متماسك يصل لذروة حدثه بحنكة واضحة

لقد أضاف الممثل ليرنادو دي كابريو في فيلمه "لا تنظر إلى السماء" الذي عرض حديثا على منصة نتفليكس للمخرج آدم مكاي أبعادا صغيرة إلى قدرته كممثل قادر على التنوع وعلى التهام المواقف بانفعالاته وبما يحمله من إيحاءات أو دلالات وما يجب أن يشيعه من مشاعر وما يطرق من معانٍ حول الشخصية أو حول الموضوع المطروح، ثم استحضاره من جديد أمام الكاميرا على نحو ناضج مبهر وتلقائي يحقق الإقناع والتأثير المطلوبين.


في فيلم "لا تنظر إلى السماء" يؤدي كابيرو دور عالم الفلك الدكتور ميندي، بينما تقوم الممثلة جنيفر لورانس بدور طالبة الدراسات العليا في علم الفلك كيت ديبيسكي، وميريل ستريب الرئيسة جاني، وآخرون، والملاحظ في الخطوط الدرامية في الفيلم أنها جميعا تبدأ كلها من البداية مع بعضها البعض وتستغرق مشاهد ولقطات كل خط فيها الزمن المطلوب إلى أن تبدأ هذه الخطوط في التشابك والتضافر، بل والاصطدام الحتمي مكونة ما يعرف بعد ذلك بالذروة.


الدكتور ميندي يبدأ في مناقشة عامة مع الطلبة، وفجأة يكتشف مع طالبة الدراسات العليا " ديبيسكي" أمر المذنب الهائل الذي سيصطدم بالأرض ويمحوها بعد ستة أشهر، ولأن كاتب السيناريو يدرك تماما أهمية إيجاد توازن دقيق بين المشاهد الساخنة المشحونة بالتوتر والتي تعكس الصراع الموجود، وبين الحيوية، فقد شدنا منذ البداية للتعاطف مع الدكتور وزميلته ومن ثم تتفجر المأساة باستهتار الإدارة الأمريكية والإعلام الأمريكي برمته بقصة المذنب، وكأنه ابتعاد عن معايشة قضية أو مأساة مهمة تهم البشرية.


في هذا الفيلم تتقاطع الخطوط الدرامية وتتماس في بناء فيلمي متماسك ويصل لذروة حدثه بحنكة واضحة، وهو المشهد الأخير الذي يظهر فيه الدكتور مندي وعائلته ورفاقه على مائدة العشاء قبل أن تنفجر الكرة الأرضية من النيزك، يصاحبه جاذبيه للصلاة كمنطلق أساس؛ للتعبير عن الخوف وطلب رضا الله، فكل من يجلس على المادة مستسلما انتظارا للموت، لا لشيء سوى أنه رأى حياته قد تقوضت وتهدمت.


على الرغم من هذا الفيلم ينتمي إلى قائمة أفلام نهاية العالم مثل 2012، وغيرها التي أنتجتها السينما الأمريكية خلال العقدين الماضيين، إلا أنه يقدم نماذج حقيقية عن المجتمع الأمريكي والأرض الخشنة التي يمشي عليها، والرذيلة والجنس والعلاقات المفككة في شكل لوحات مختزلة ووقفات جزئية، مع إضفاء طابع من الكوميديا يتزامن مع العالم المنهار.


عموما، أرى شخصيا أن فكرة الفيلم تبدو لي فكرة رائعة، حتى وإن كنت لا أرى أي فارق بينه وبين بقية أفلام الكوارث التي تتميز بنوع من الجمال للقطات.