العدد 4763
الجمعة 29 أكتوبر 2021
banner
التنمرُ الإلكتروني.. حقٌ أم خطيئة؟
الجمعة 29 أكتوبر 2021

إنْ أبقينا أبوابنا ونوافذنا مُشْرعة لا يحقُ لنا إذاً التباكي على سرقة ممتلكاتنا واستباحةِ أعراضنا، ليس العيب في التطور التكنولوجي والمعرفي، بل في طرقِ استخدامنا التكنولوجيا.

إنَّ سهولةَ التواصل مع الآخرين في عصرِ التفجرِ المعرفي، أغرت كلاً من الأفراد والشركات على استخدام وسائل التواصل المختلفة للتعارف أو للترويج والاتجارِ بالسلع المختلفة بأقلِ وقتٍ؛ وأدنى تكلفة، هذا ما شجع على ظهور شخصياتٍ عامة ومشهورة تُروجُ لنفسها ومنتجاتها، وقد يدفعُ الجوعُ للشهرة والثراء المفاجئ ببعضِ هؤلاء المشاهير لتصوير تفاصيلِ حياتهم اليومية وعلاقاتهم الشخصية كذلك؛ لحصد أكبرِ عددٍ من المشاهدات في تسابقٍ واضحٍ مع غيرهم من المشاهير حباً في الظهور والتميز، ومحاولةً دؤوبة ومستمرة لتسويقِ المنتجات التي يُروِّجون لها.


قد يبلغُ الأمر بهؤلاء المشاهير لتغييرِ خلقتهم، بإجراءِ المزيد من عمليات التجميل أو التشويه أحياناً، ما يجعل منهم حديثَ المتابعين لهم على السوشال ميديا. إنَّ كونَ هؤلاء المشاهير شخصيات عامة يضعُ حياتَهم تحت الضوء والتحليل والتساؤلاتِ والرفضِ والقبول لكل ما يفعلونه ويُطلقونه بألسنتهم، هكذا نرى كيف أنَّ مشاهيرَ السوشال ميديا يُعانونَ من التدخلات المستمرة للمتابعين في حياتهم، وتأتي تعليقاتُ الجمهور على طريقةِ كلامهم وملابسهم وحتى أشكالهم الخارجية لاذعة لا ترحم.. السؤال الذي يطرحُ نفسه هنا، من المخطئُ الحقيقي، المتابعُ أم المشهور يا ترى؟

إنَّ شكوى مشاهير السوشال ميديا من التنمر الإلكتروني الذي يتعرضون له بات شائعاً جداً في الآونة الأخيرة، وإنْ كان المشهورُ محبوباً في وسائل التواصل، فبعض هؤلاء المشاهير يُقحمكَ في يومياته ويستشيركَ في ما يشكلُ عليه من أمور، لكأنك أخٌ له أو صديق، ولا غضاضةَ في ذلك طبعاً، لكن من غير المعقول أنْ يُقحمكَ في مشاكله العائلية الخاصة، أو في مشاكله مع أصدقائه؛ فتراه يسجلُ الحادثة بكل تفاصيلها، ويرد عليه الخصمُ بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ليبدأ العراكُ الافتراضي على مرأى ومسمع متابعيه، الذين يُعطونَ لأنفسهم الحق بالتدخل والتعليق، ويقوم أولئك المتتبعون لسلوكات المشاهير بتسليط الضوء على مشاكلهم وطريقة تعاطيهم مع تلك المشكلات بأساليب حادة وجارحة أحياناً ومتنمرة وساخرة في أحيانٍ أخرى.


ولا يختلفُ اثنان على أنَّ المشهور هو من أعطى الآخرين الضوءَ الأخضر للتدخل حياته، والتعليق على حركاته وسكناته؛ لذا فإنَّ من واجبه اختيار مواده بعناية والتحفظِ على خصوصياته، فلا يستعرض كل دقائقِ حياته للعامة الذين هم في الواقع لا يمتُّونَ له بصلة وإنْ أعجبهم، ذلك لا يعني من ناحيةٍ أخرى أنَّ المتابعَ مُحقٌ في سخريته أو تعليقاته اللاذعة للمشهور أو المدون، بحيث ينتقد طريقته في الكلام أو يسخر من خلقته أو لباسه أو علاقاته الاجتماعية.. انشغلوا بأنفسِكمْ وبالمُهمِ من أموركم، ودَعوا الخلقَ للخالق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية