+A
A-

عندما تفشل في التغيير أنظر في أعماقك

تقول أوبرا وينفري: "تنبع أعظم التحولات من أصغر التغيرات، تغيير بسيط في سلوكك يمكن أن يغير عالمك ويعيد تشكيل مستقبلك".

هل حاولت أن تتغير ولكنك، حتى وأنت في قمة السعادة مسلحًا بأفضل النوايا، انتهيت إلى فعل الأمور القديمة نفسها؟ هل قرأت كتب عديدة والتحقت بدورات مختلفة، وكتبت قراراتك ونواياك، وأخبرت أصدقاءك بوعودك الجديدة، ولكنن في النهاية عدت، بسرعة، إلى مكانك القديم في الحياة؟ قد تشعر كأنك أصبحت أسوأ من قبل، محاطًا بخيبة الأمل والإحباط، ثم تعاقب نفسك لأنك نقضت وعودك معها، وتشعر أنك شخص فاشل، ولن تنجح بالتغيير.

قبل البدء بالتغيير:

إن التغيير ليس بالأمر السهل فلن تغير حياتك التي أمضيت فيها عمراً كاملاً في يوم أو حتى أسبوع، فأنت تحتاج إلى إعطاء نفسك بعض الوقت ومساعدة نفسك، وقبل كل شيء يجب أن تتعرف عليها، يظن الكثير أنه يعرف من هو لكن للأسف يعرف نفسه فقط معرفة سطحية وليست عميقة وحقيقة، ولكي نحقق تغيراً واحداً في حياتنا، لا بد من أن نرى حقيقة الأمور بصورة واضحة. و إلقاء نظرة شاملة على حياتنا . وما هو شعورنا تجاه حياتنا؟ وما لذي يدفعنا إلى التغيير؟ كيف نقيم حبنا وتقديرنا لذاتنا؟ ماهي المشكلات الأساسية التي تواجهنا في حياتنا فيصعب علينا التغيير؟ كن واضحا مع نفسك.

أهم الخطوات التي تقوم بها عند البدء في التغيير:

جميعنا نبحث عن التغيير في الخارج لمجرد أن الداخل مظلم وغير واضح، برغم أن الشيء الذي نبحث عنه موجود في الداخل فقط، وفي داخل أنفسنا وليس في الخارج، لأن التغيير الحقيقي والمستدام هو الذي يبدأ من القناعات والآراء والإعتقادات التي تكون شخصيتنا وليس من أي شيء بالخارج، إنها عملية تبدأ من الداخل إلى الخارج وليس بالعكس.

حب وتقدير وفهم ذاتك:

من أهم الخطوات للبدء بالتغيير هي حب الذات، وأول خطوة لتحقيق الذات هو معرفتها، وذلك يعني أن تتصل بجوهرك، أي أن تعرف ما يبهج قلبك، ويجعلك سعيداً، ومايغضبك، وماهي قدرتك على التحمل.

إن حب الذات مهم ، فإذا كنا محرومين من الحب، سنتصرف على هذا الأساس، ربما نتجاهل وقت حاجتنا إلى الراحة وننساه، ويمكن أن يقودنا هذا إلى الاستياء وأعراض التعب المزمن.

كذلك يمكن أن يكون اتجاهنا نحو عادات سيئة مثل لأكل الغير صحي، فنستخدمه لنملأ ما نشعر به من فراغ بداخلنا، ثم يقودنا ذلك إلى دائرة لا تنتهي من الإفراط في الأكل أو الإفراط في مشاهدة التلفزيون والمسلسلات لساعات طويلة، وكذلك الانغماس في مشاهدة حياة الآخرين، بدل من الغوص في أعماقنا والنظر إلى حياتنا. وذلك بسبب عدم حبنا لذاتنا دائما نسعى للبحث عن صحبة الآخرين كي نتجنب أن نكون مع أنفسنا لذلك يجب أن نحب ذاتنا ونقدرها ونقوم بالأشياء التي نحبها ونستمتع بها ونبتعد عن انتقاد ولوم أنفسنا، ونستثمر في صحتنا وجسدنا كل ما هو أفضل لنا، فسنجد التغيير سهل لأنه نابع من أعماقنا بكل صدق وعندما نتراجع سنعرف كيف نتعامل مع أنفسنا و مع مشاعرنا.

التعبير والتحرر من الماضي:

لكي نغير ما نشعر به نحو أنفسنا، نحتاج إلى أن نعبر عما نخزن ما في داخلنا، فنحن نحتاج إلى إطلاق حقيقتنا، والتعبير عن الأمور التي تحبطنا أو تتركنا في صراع.

وقد تسبب لنا هذه التراكمات الشعور بألآم الجسدية مثل ألم في الظهر أو الصداع أو غيرها فلا نشعر بالراحة الجسدية وذلك نتيجة لتراكم سنوات الانغلاق التي نحتاج التعبير عنها. فالجسد دائما يعبر عما يكتمه العقل، حتى إذا أستمرينا في عدم وعينا بالحالة الحقيقة لحياتنا فإن جسدنا بحكمته، سيجعلنا نعلم يوما ما الذي يلتصق ويختبئ داخلنا.

ويمكن البدء بالتعبير عما بداخلنا من خلال العودة إلى جذورنا والتفكير بالماضي والعادات التي اكتسبناها من والدينا أو من الأشخاص الذي كانوا في حياتنا وأثروا عليها، فكل شيء في حياتنا، فهو انعكاس لما نحن عليه الآن مثال على ذلك إذا كنت توجه الانتقاد الدائم في العمل، فمن المحتمل أنك تحولت إلى الوالد الذي كان ينتقدك أنت وطفل فتخلص من كل هذه المعتقدات والقيود وتحرر منها.

التسامح:

قبل البدء بمسامحة الغير يجب أن تسامح نفسك، ثم سامح والديك والأشخاص الذين كانوا متواجدين في حياتك. فحان الوقت المناسب لترك الماضي والتقدم ويجب أن تكون لدينا القوة الكافية بحيث نتحرك إلى الأمام بعيدا عن تذمرنا القديم، فالكثير منا يلوم والديه على الماضي وأنهم هم الذي تسببوا في ألمه أو أذيته.

نحن لا نصل إلى التسامح بمجرد الضغط على زر يجب أن نتفهم بلطف الخلفية التي تكمن وراء التصرفات كيف نشأ والدينا؟ وما الذي كانوا يتعلمونه؟ وهناك حكمة تقول لكي تفهم شخصا بشكل حقيقي أمشي في حذائه، أي أن تضع نفسك مكانه وبالضبط هذا ما نحتاج إلى أن نبدأ بفعلة في رحلة التسامح نحتاج أن نمشي معهم عبر طفولتهم لنفهم حياتهم كأطفال صغار ضعاف، وسيقودنا الفهم الانفعالي الذي يمنحنا إياه إلى قلب أرق وإلى شفاء غضبنا وسنصل إلى مرحلة التسامح غير مشروط الذي سوف تساعدنا على التغيير لأننا سوف نتخلص من الألم والحقد، والذنب الذي في أعماق قلوبنا.

الاعتراف بالمشاعر:

لقد ولدنا بخمسة انفعالات أساسية وهي: الخوف والغضب والألم والفرح والحب، فعندما نعبر عن الخوف بطريقة جيدة فيحمينا، ويسمح لنا الغضب بوضع حواجز وعدم تجاوز الأشخاص لنا أو إساءتنا، ويجعلنا الألم على ذرف الدموع التي تشفي خسارتنا، ويوفر لنا الفرح العيش بحماس وطاقة إيجابية وحيوية، بينما يوفر لنا الحب كل شيء ويعلمنا أن نعيش برضا وسلام.

فهذه الانفعالات مهمة جدا في حياتنا ولكن ممكن أن تصبح هذه الانفعالات مغلقة وغير صحية بسبب الطبقات القديمة والمتراكمة وذلك بأننا نلف وندور ناكرين هذه المشاعر لأن هذا ما تعلمناه منذ الصغر غالبا ما كان الوالدين والمدرسون وبعض الأشخاص البالغون يقولون أمور مثل (لا بالطبع أنت غير متضايق)، (ليس هناك ما يستدعي للبكاء)، (أنت على ما يرام كن شجاعا) فتصبح انفعالاتنا أضعف. فيجب الاعتراف بالمشاعر، مهما يكن شعورك فإذا كنت غاضب لا تنكر شعورك أو مكتئب أو متضايق أعترف بذلك ولا ترفض هذه المشاعر أو أن تتهرب منها فقط تقبلها وأسمح لها بالرحيل وسوف تشعر كأنك مولود من جديد.

العيش بسلوك جديد والتغيير للأفضل:

إن خبراتنا الماضية وكسور قلوبنا وانفعالاتنا ومن خلال استكشافها نستطيع أن نغير طرقنا وننظم معتقداتنا بدلا من إعادة ذلك التاريخ نستطيع أن نتعلم بوعي من المشاعر الذي بداخلنا ونمضي إلى الأمام على طريق التغيير واكتشاف حقيقتنا.

ومثلما يستطيع الغضب القديم أن يتحول إلى تسامح، فإن الخوف القديم يمكن أن يتحول إلى شجاعة، ويتحول الخجل إلى احترام للذات، أن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل فإذا تم تعديل داخلك سوف تتغير للأفضل ولن تعود إلى عاداتك القديمة سوف تشعر كأنك ولدت من جديد وبحياة جديد، تكون فيها نفسك، وتتحمل مسؤوليتك عن نفسك كما أنت، سوف تخوض تجارب الحياة بمنظور مختلف وبوعي وتوازن بحسب فوربس العربية.