العدد 4699
الخميس 26 أغسطس 2021
banner
براغماتية طالبان
الخميس 26 أغسطس 2021

بات يعلم جميع المتابعين لتصريحات حركة طالبان خلال الأيام الماضية، أن توجهات الحركة المعلنة اليوم لا تتطابق كلياً مع ما كانت عليه قبل عقدين من الزمان، حيث شاب تصريحات الحركة شيء من الوسطية والاعتدال، وهو ما لم نعتد عليه من طالبان التي دائماً ما اتسمت سياساتها بالتطرف والقمع المتشح بالثوب الديني.

فمنذ سيطرتها على كابول أعلنت الحركة عفوا عاما عن جميع الموظفين ودعتهم للعودة لأعمالهم المعتادة في سبيل العودة للحياة اليومية التي عهدوها ابان النظام السابق، إضافة لعدد من الإجراءات التي لم يكن العالم يتوقعها، كان من أهمها إقرار حق المرأة في العمل والتعلم وفق ضوابط محدودة.

أما على المستوى الإقليمي والدولي فقد أوضحت الحركة أنها تسعى للسلام والاستقرار من خلال إقامة علاقات دبلوماسية طيبة قائمة على الاحترام المتبادل بينها وبين المجتمع الدولي، مؤكدة أنها لن تكون مركزا للإرهاب الذي يزعزع أمن العالم.

لم يكن أقل المتشائمين بعودة نظام طالبان يتوقع ما أعلنت عنه الحركة خلال الفترة الماضية، حيث كانت الأغلبية المتابعة تترقب سلسلة من الاعتقالات والاغتيالات لكل من تعاون مع النظام السابق، خصوصاً من عمل بشكل مباشر مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الداعمة لها، ذلك ما أثار موجة من التساؤلات التي تبحث في مدى جدية طالبان والتغير الذي شابها، هل هو تغيير دائم فرضته التغيرات والظروف التي تعرضت لها الحركة خلال العقدين الماضيين، أم أنها براغماتية ميكافيلية تفرضها اللحظة وستستمر فقط إلى أن تتمكن طالبان من تثبيت أركانها وحصولها على الاعتراف الدولي من العالم.

جميع الإجابات التي من الممكن أن تكون على هذه التساؤلات تبقى اليوم تدور في فلك التكهنات، فسياسات الحركة تبقى مبهمة خلال المنظور القريب على أقل تقدير، إلا أن عودتها بقوة وإحكام سيطرتها على أفغانستان بات واقعا لا مناص منه، فبعد أن فشلت القوى العظمى في القضاء عليها أصبح العالم اليوم أمام خيار واحد فقط في التعامل مع طالبان بغض النظر عن سياساتها وتوجهاتها وهو الخيار الدبلوماسي القائم على الحوار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية