العدد 4693
الجمعة 20 أغسطس 2021
banner
حلل سبب إخفاقك ثم انطلق لمعانقة النجاح
الجمعة 20 أغسطس 2021

لقد كتب الروائي ميلان كونديرا في بداية حياته مجموعة قصص فاشلة لم يجد أية جهة تنشرها، وقيل له إن موهبته في كتابة القصص ناقصة إلى حد مخجل وتسير على أسس غير سليمة، وسمع ما سمع من أهوال الرحيل وترك الكتابة، لكنه ما لبث أن استجمع قواه وعرف في قرارة نفسه ان لديه القدرة الإبداعية لمواصلة طريق الكتابة وكل ما عليه فقط هو تحليل أسباب إخفاقه، ومع مرور الوقت والزمن وصل إلى المكان المريح المطمئن.

إذا النجاح وكما يعرفه أهل الاختصاص كالإخفاق، لا يعني شيئا، إنما المهم فيهما معا قيمة الاستعدادات التي فعلت فعلها في أحدهما، أو في كليهما، فهناك نجاح يكون محض مصادفة أو حاصل ظروف تعاونت على إيجاده، وليس لصاحبه فيه أدنى يد مباشرة، وهذا ما لا يصح اعتباره قاعدة لأنه لا يحدث دائما، ولا يكون إلا نادرا، والذين يفيدون منه يخسرون بعده ثقتهم بأنفسهم، وهناك إخفاق مرده إلى مضادات ظرفية طارئة تخرب، في آخر لحظة، كل ما بذل من جهود صحيحة واعية. فمن كان ذا طبيعة إيجابية سليمة يتقبل مثل هذا الإخفاق ببرود كما يتقبل كل معارضة أو خصومة، ويفسره بأنه تأخير له عن القصد، دون أن يخالجه الشك لحظة في أنه سيربح الجولة الآتية.

وعندما يقصر العمل عن النتيجة التي تنتظر منه، يصبح صاحبه أمام حالة تحتاج إلى تحلیل، فلكل إخفاق عوامله وأسبابه التي ينبغي أن يحللها المخفق دون تحزب أو تعصب، بحيث يرى: هل وسائله غير كافية أو أن عاملا قدريا لعب دوره، فيجهد أن يحصل في الحالة الأولى ما كان يعوزه قبل الإخفاق، ويجهد في الثانية أن يحتاط القدر، وهذا هو المنهج الذي اتبعه أولئك الذين عزموا على تنفيذ خطة، وحققوا ما عزموا عليه خطوة خطوة طوال حياتهم وفي مجرى أعمالهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .