العدد 4618
الأحد 06 يونيو 2021
banner
تفشي “الجائحة” ومسؤولية المجتمع
الأحد 06 يونيو 2021

ما من شك في أن مملكة البحرين بقيادتها الواعية كانت ومازالت وستظل في مقدمة الدول التي تصدت في المهد لفيروس كورونا، رصدت الأموال، ذهبت إلى أبعد مكان في المعمورة، واجتمعت مع ذوي الشأن والاختصاص، توصلت إلى بروتوكول للوقاية، وإلى برامج للعلاج، ثم إلى توفير اللقاحات اللازمة.


لم تدخر جهدًا في سبيل إزكاء روح المواجهة للجائحة المتفاقمة، ولم تتأخر في مساعدة قطاع أو نشاط اقتصادي كان قد أرخى الوباء سدوله عليه، بل أنها ذهبت مع الناس إلى حيز التباعد الاجتماعي، ما كان مفروضًا على الحكومة من تباعد واجتماعات عبر تقنية “الأون لاين”، واحتراز على أعلى مستوى هو ذاته الذي أوصت المواطنين والمقيمين بأن يقوموا به، لم نفرق في بحريننا الغالية بين مواطن ومقيم، انعكست ديادن التسامح والتعايش عند التعاطي مع الجائحة الكونية الرهيبة، ازداد مجتمعنا تكاتفًا وحميمة، وليس تباعدًا وانتقائية، حصل الجميع على اللقاح الذي يختارونه بالمجان، لم نقل أن هذا مواطن، وأن ذاك مقيم، أو الآخر عابر سبيل أو ضيف على الرحب والسعة، قلنا إن من يدخل إلى مملكة البحرين فهو آمن، ومن يخرج منها لابد وأن يكون هو الآخر آمن، وأن من يعيش في روعة ربوعها لابد وأن يكون بكل تأكيد آمن ثم آمن.


في الآونة الأخيرة وفي شهر مايو “أيار” واسمحوا لي أن ألقبه بالأسوء، تفاقمت الجائحة أصيب خلاله الآلاف، وفارقوا الحياة المئات، واستولى الخوف على كائن من كائن، الدولة لم تقصر، واللجنة التنسيقية لم تقطع اجتماعاتها ولم تتردد في اتخاذ اللازم على مدار الساعة، الحكومة كلها في حالة انعقاد دائم ولو كان عبر “التقنية الحديثة، والأجهزة المعنية، جميعها كانت ومازالت تقف وعلى رأسها الطير تحاول رأب الصدع، والسيطرة على الهجمة المفاجئة التي جاء بها الوباء من خارج جميع السياقات، ومن أبعد نقطة على ظهر المنحنى التصاعدي للجائحة.


“إذا عُرف السبب بطل العجب”، هكذا يقولون، لكن البحرين لم تكن وحدها هي المعنية بهجمة الجائحة الغاشمة، ولم يقصد الفيروس المتحور مملكتنا الحبيبة بمفردها، لكنه ذهب إلى كل مكان تقريبًا، عدوانه كان متعدد الاتجاهات، ومتنوع الصفات، ومواجهته تطلبت حسمًا ورسمًا من نوع جديد، بأحرف لم يكن لمتقنيها بد من أن يكونوا مبدعين رغم الأنف، وأن يكونوا صابرين رغم قسوة النتائج.


ونحمد الله ونشكر فضله بأن إجراءات المملكة الاحترازية، والعودة إلى المربع الأول إلى ما يسمى بـ”نصف الغلق”، وإلى ما نسبته 70% من التواجد في مواقع العمل “حكومي وخاص”، وإلى تكثيف الدعوات للحصول على اللقاحات، جميع اللقاحات أدى إلى بلوغ أعداد الذين فحصوا أكثر من ضعف السكان، وإلى الذين حصلوا على الجرعة الثانية إلى أكثر من نصف السكان، نحو 805 ألفًا 545 شخصًا وفقًا لأرقام الأربعاء الماضي.


النتيجة كانت إيجابية بامتياز وتؤكد رجاحة القرارات الأخيرة، وسلامة مقصد الجهات المعنية، وارتفاع وعي وإدراك المواطن وكسبه لرهان الدولة عليه.


“مجتمع واعي” تطبيق تكنولوجي موجود على جميع أجهزة الهواتف النقالة لكل من يحمل جهازًا داخل المملكة الفتية، ليس ذلك فحسب حيث أن ما يحمله التطبيق من معلومات يضع كل من يعيش فوق هذه الأرض، على بينة بكل ما يحدث بشأن الجائحة، ويضع الجميع مواطنين ومقيمين في قلب الصورة، بل وفي مركز اتخاذ القرار، جميع الأرقام محسوبة بدقة، ومختلف المعلومات متوفرة على مدار الساعة، تلك الشفافية هي التي خفضت من هجمة الجائحة وأدت إلى تراجع الفيروس وإصاباته اليومية من أكثر من ثلاثة آلاف إلى أقل من ألفين خلال أقل من أسبوع بعد إجراءات “نصف الإغلاق” الأخيرة.


يقولون: الضحية هو الاقتصاد، ولكنني أقول الفائز هو الإنسان الذي هو الهدف النهائي لأي اقتصاد والمحرك القوي والقويم للنمو، والفاعل الأصلي والأصيل في أي منظومة تسعى إلى الخروج بسلام من تحورات جائحة، والنأي بكل تفاصيل المجتمع المتحاب إلى بر الأمان والسلام والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .