العدد 4611
الأحد 30 مايو 2021
banner
موعد مع السعادة
الأحد 30 مايو 2021

لعله موعدٌ مع التقنية، موعدٌ مع السعادة، ذلك القرار الاستباقي الذي أصدرته اللجنة التنسيقية برئاسة ولي العهد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظه الله ورعاه بشأن ما يطلق عليه بـ “نصف الإغلاق” للأنشطة الاقتصادية أملًا في كل التعافي مع جائحة كورونا.

لعلنا على موعد مع الإتقان للتكنولوجيا الفارقة حتى نواجه “نصف الإغلاق” بكل الأمل في الخلاص، وحتى نتعاطى مع الأيام الجميلة بإحساس تام بالمسؤولية وبوعي مجتمعي مازلنا نراهن عليه حتى لو لم تأت الرياح مثلما كنا نشتهي.

التعليم بمختلف أركانه ومرتكزاته تحت “نصف الإغلاق”، كل المنظومة أصبحت “أون لاين” بامتياز وكل “الأون لاين” أصبح في عهدة بنية تحتية تكنولوجية تمكنت مملكة البحرين من بلوغ أدق مضامينها، واعتلاء أعلى منصاتها عندما وقعت “الفأس في الرأس”، وعندما أصبحت الجائحة الكونية المرعبة قاب قوسين أو أدنى من كل إنسان يعيش على هذه الأرض الطيبة.

الأرقام، “إصابات ووفيات وحالات حرجة” في تصاعد، الأسباب رغم تلقيح أكثر من 70 % من سكان البحرين بالجرعة الأولى، ورغم وصول عدد اللقاحات اليومي إلى أكثر من 31 ألفًا، ورغم ورغم ورغم.. إلا أن الأسباب مازالت مجهولة، والحيثيات مازالت مرتبكة، والتداعيات مثلما نرى أصبحت لا تسر عدوا ولا حبيبا.

من هنا كان لابد أن يكون للفريق الوطني رأي آخر، أن يكون “المزيد من الاحتراز” وجهته السابقة عندما تقرر “نصف الإغلاق” قبل بضعة شهور، وعندما جاءت الرياح بما كنا نشتهي وتراجعت أعداد الإصابات ووصلت إلى أدنى معدل لها، وأعداد الوفيات ناهزت في الكثير من الأيام الرقم “صفرًا”.

حدث ذلك في الماضي، وسوف يحدث بعون الله ورعايته في المستقبل القريب، الحكومة راهنت على وعي المجتمع، على “مجتمع واعي” ونحن نراهن على الأيام المقبلة، أيام من دون كورونا، أو من دون وفيات بسبب الكورونا، هكذا هي الأيام، يوم لنا ويوم علينا، رغم ذلك فإن ما كان لنا من إنجازات، وما كان علينا من إصابات أو وفيات جميعها سوف تكون في ذمة التاريخ، سوف يسجل للبحرين بأنها استطاعت لجم الجائحة، وأنها تمكنت ببروتوكول الإزاحة والنأي بالمجتمع إلى ما تحمد عقباه، والوصول بالحالات إلى الحد الأدنى المأمول على مستوى المعمورة.

يقولون إن الإغلاق أو نصفه سوف يصيب الأنشطة الاقتصادية بخسائر، وأن معدل النمو سوف يتراجع، وأن العديد من القطاعات التي تعتمد على “التقارب” سوف تعاني الأمرَّين، صحيح ولكن أسبوعان في عمر الزمن لا يساوي سنينًا أمام صحة الإنسان، أمام أمانه واطمئنانه على حياته وأسرته وأقربائه وأصدقائه، أسبوعان في عمر الزمن بـ “نصف إغلاق” يساوي عمرًا بأكمله من أجل الحياة، وأسبوعان في عمر نشاط لا يساوي روحًا صاعدة إلى بارئها بسبب الجائحة الملعونة وتداعياتها المتحورة باكتساح.

مملكة البحرين قدمت الكثير من أجل التصدي لهذه الجائحة، وعلى المدى من سنة ونصف السنة تقريبًا تحملت ميزانيتها أكثر من 4,3 مليار دينار؛ من أجل ألا يشعر المواطن بآثار الكارثة الكونية، وإلا يتأثر كائن من كان على أرض الخلود بالهجمة الشرسة للفيروس اللعين وتداعياته على القطاعات التي يلتحم فيها البشر مع البشر، بقوة الدفع الإنسانية العادية، وبمعدل النمو القطاعي الطبيعي الذي يدفع النماء إلى الأمام، وحركة المجتمع إلى مصاف الدول المتقدمة.

لقد اتخذت الحكومة ممثلة في اللجنة التنسيقية قرارًا شجاعًا للمرة الثانية وربما للمرة الثالثة، وقد قبِل المجتمع بالقرار، بل إن السعادة ربما تكون قد خيمت على العديد من العائلات التي كانت تخشى من تفاقم الجائحة لأكثر من ذلك.

سنكون أيضًا على موعد مع الفائق في التقنية، والسباق في التكنولوجيا الراقية، لن نقول إنها فقط الجامعات، وإنها فقط مراكز البحث العلمي، وإنها فقط الحكومات، لكنها منظومة الكيان البحريني المتماسك، كتلة المجتمع الحر وهو يواجه بمنتهى الحرية جائحة لم تكن في الحسبان، ووباء لم يكن في متناول الطواقم الطبية مثلما كان يحدث في الماضي.

العالم هذه المرة أمام أصعب اختبار في تاريخه، والأرض التي لم تنجب سوى الخيرات للبشرية جمعاء ستكون قادرة بعون الله وحفظه على أن تتجاوز هذه المحنة بقلب ملؤه الإيمان وبروح صنوانها المحبة وبيد ستكون مع يد الله، لتكون يد الله في يدنا أجمعين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .