العدد 4606
الثلاثاء 25 مايو 2021
banner
حياد هيئة التحكيم
الثلاثاء 25 مايو 2021

الرغبة في اللجوء للتحكيم لحسم المنازعات تعود لأطراف النزاع، لأن التحكيم إرادة الأطراف الطوعية حيث يختارون التحكيم لتسوية النزاع. وهذه الرغبة يحميها القانون بمنح التحكيم القوة لنفاذ قرار التحكيم. ولكن، هناك شروطا يجب توفرها ليصبح التحكيم نافذا بالقانون. اختيار هيئة التحكيم وأعمالها الإجرائية ومدة عملها وكيفية عزلها، كل هذه النقاط تحددها القوانين في أحكام إلزامية، وعلى الهيئة الالتزام بهذه الأحكام. وكل هذه الأحكام يجب مراعاتها، حتي يتمكن “التحكيم” من القيام بدوره في تحقيق العدالة لأطراف النزاع.

ومن أهم الأحكام الإلزامية، ضرورة حياد “نيوترلاتي” هيئة التحكيم وعدم وجود أي علاقة أو رابط أو تواصل بين هيئة التحكيم وأطراف النزاع أو موضوع النزاع. ووفق هذه القاعدة الأصولية الجوهرية فإن حياد هيئة التحكيم أمر إلزامي يجب توافره وبصورة مطلقة ونهائية. حياد هيئة التحكيم وعدم وجود علاقة مع أطراف وموضوع النزاع، أمر هام لأنه يضمن عدم تأثر هيئة التحكيم بهذه “العلاقة” التي قد تؤثر أو تلقي بظلالها على القرار النهائي المنهي للخصومة. والبشر يتأثرون سلبا أو إيجابا، بهذه العلاقات، لذا يجب ألا تكون موجودة حتى يتوافر الحياد.

من هذا الواقع والقانون، فإن عدم توافر “حياد” هيئة التحكيم يؤدي إلى “نسف” كل ما قامت به لأن عدم الحياد التام، ولأي درجة، يقود الطرف المتضرر للتقدم بالطعن لنقض حكم التحكيم. وإذا ثبت عدم توافر الحياد، فإن المحكمة المختصة ستقضي ببطلان حكم التحكيم، وفي هذا “نسف” للتحكيم الذي تم وإهدار للوقت والمال وعدم احترام العدالة بل إعاقتها وامتهانها. وعلى الجميع أن يدرك، أن الطرف المتضرر سيبحث عن “القشة” لقصم ظهر البعير، وهذا طبيعي.

كمبدأ عام، فإن الإعلان عن الحياد يعتبر من المسؤوليات المباشرة لكل عضو. وهذا الإعلان يتم في مرحلة اختيار هيئة التحكيم، إذ يطلب ممن يتم اختياره الإعلان عن عدم وجود أي علاقة مع أطراف النزاع أو القضية موضوع النزاع. وفي هذه المرحلة الأولية، يجب على هذا العضو تأكيد عدم وجود أي علاقة مهما كانت مما يؤكد حياده التام. وأيضا في نفس الوقت، عليه الإفصاح إذا كانت هناك أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة بأطراف النزاع أو القضية، وهنا، على أطراف النزاع تقرير السماح أو عدم السماح له وفق ما يرونه لتحقيق مصالحهم. والأمر هنا يعود لكل حالة على حدة وعلى حسب الظروف المعلن عنها وحسب ظروف الأطراف والقضية.

وعلى العضو أن يكون أمينًا، وهذه الأمانة تتطلب منه الإفصاح التام وعدم التستر أو الخداع أو التمويه، بل عليه توضيح أي نوع من العلاقة ومهما كانت، وإلا سقط عن “الحياد” وعليه تحمل النتائج المترتبة على هذا التصرف غير السليم البعيد عن المهنية. ولا بد من التوضيح، أن العضو ربما يتبين له عدم توافر الحياد في أي لحظة أثناء التحكيم، وفي هذه الحالات عليه الإفصاح الفوري عن الوضع لهيئة التحكيم وأطراف النزاع وللدرجة التي تمكنهم من اتخاذ القرار المناسب بخصوص استمراره. والأمر يعود لهم وحدهم وعليه الانصياع لقرارهم. الحياد ضمان للعدالة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .