+A
A-

سفرة أمي في رمضان.. أطيب الأكلات الشعبية الأصيلة

من‭ ‬المستحيل‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬الأم‭ ‬البحرينية‭ ‬سفرتها‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التمر‭ ‬والثريد‭ ‬والهريس‭ ‬واللقيمات‭ ‬والخنفروش‭ ‬والكباب‭ ‬والحلويات،‭ ‬مثل‭ ‬المحلبية‭ ‬والفالودة‭ ‬وقرص‭ ‬الطابي‭ ‬والزلابية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬لذائذ‭ ‬المطبخ‭ ‬البحريني‭ ‬الشعبي،‭ ‬خصوصا‭ ‬وان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬فرصة‭ ‬ومناسبة‭ ‬مؤاتية‭ ‬لإحياء‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬بها‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬عبر‭ ‬أجياله‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تزيين‭ ‬السفرة‭ ‬بأطباق‭ ‬نعيش‭ ‬معها‭ ‬جيلا‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭.‬

وكذلك‭ ‬المشروبات‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬مصدرها‭ ‬النخيل،‭ ‬وشخصيا‭ ‬أفضل‭ ‬تناولها‭ ‬دون‭ ‬المشروبات‭ ‬الأخرى،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬أمي‭ ‬تقوم‭ ‬بإعداد‭ ‬أنواع‭ ‬منها‭.‬

وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المشروبات‭ ‬الرمضانية‭ ‬المعروفة،‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬البحرينية‭ ‬لمشروبات‭ ‬غنية‭ ‬بالفائدة‭ ‬الصحية‭ ‬مثل‭ ‬“خواجة‭ ‬إبراهيم”،‭ ‬أحد‭ ‬أشهر‭ ‬المشروبات‭ ‬المحببة‭ ‬في‭ ‬بيتنا‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬وهو‭ ‬مشروب‭ ‬منعش‭ ‬برائحة‭ ‬ممزوجة‭ ‬بخلطات‭ ‬أمي‭ ‬الخاصة،‭ ‬ولها‭ ‬تسميات‭ ‬عديدة،‭ ‬ويعتبر‭ ‬اللقاح‭ ‬الممزوج‭ ‬مع‭ ‬الريحان‭ ‬أو‭ ‬بذور‭ ‬الحبق‭ ‬السوداء‭ ‬من‭ ‬مشروبات‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬ورمضان‭ ‬أيضا،‭ ‬وهو‭ ‬مستخرج‭ ‬من‭ ‬طلع‭ ‬النخيل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تحليته‭ ‬بالسكر‭ ‬وماء‭ ‬الزهر‭ ‬أو‭ ‬الزعفران،‭ ‬ويقدم‭ ‬بالطبع‭ ‬باردا‭ ‬وهو‭ ‬مناسب‭ ‬لكل‭ ‬وقت‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭.‬

وذكرت‭ ‬خواص‭ ‬هذه‭ ‬المشروبات‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬“الأشربة‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين”‭ ‬لفوزية‭ ‬سعيد‭ ‬الصالح،‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬المشروبات‭ ‬الصحية‭ ‬متجذرة‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬البحرينية‭ ‬لأغراض‭ ‬استشفائية‭ ‬أو‭ ‬وقائية،‭ ‬إذ‭ ‬يؤمن‭ ‬البحرينيون‭ ‬بشدة‭ ‬أن‭ ‬النباتات‭ ‬العشبية‭ ‬“تشفي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬علة‭ ‬إلا‭ ‬علة‭ ‬الموت”،‭ ‬فالفوائد‭ ‬العلاجية‭ ‬للنباتات‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬المشروبات‭ ‬الصحية‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬ارتوائها‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬الينابيع‭ ‬العذبة‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬البحرين‭. ‬كما‭ ‬وتشير‭ ‬إلى‭ ‬التأثير‭ ‬المفيد‭ ‬لبعض‭ ‬الإضافات‭ ‬التي‭ ‬تزيل‭ ‬الطعم‭ ‬المر‭ ‬مثل‭ ‬العسل‭ ‬والزعتر‭ ‬والورد‭.‬

ورغم‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أهميتها،‭ ‬تلفت‭ ‬الصالح‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬غسل‭ ‬النباتات‭ ‬وتخزينها‭ ‬جيدًا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتعفن،‭ ‬مع‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإكثار‭ ‬منها‭ ‬قد‭ ‬يضر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬وفي‭ ‬كتابها‭ ‬ذكرت‭ ‬“شـراب‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬العريق”،‭ ‬وهو‭ ‬شاي‭ ‬الزعفران‭ ‬الممزوج‭ ‬بماء‭ ‬الورد‭ ‬واللقاح،‭ ‬ويقدم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سكر،‭ ‬وتؤكد‭ ‬أنه‭ ‬“يروي‭ ‬الظمأ‭ ‬ويفتح‭ ‬الشرايين”‭.‬

ويعرف‭ ‬عن‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬حبهم‭ ‬للتنوع‭ ‬في‭ ‬الطعام،‭ ‬ولهذا‭ ‬يجد‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬تكون‭ ‬عامرة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بأصناف‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الأكلات‭ ‬البحرينية‭ ‬الشهيرة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أطباق‭ ‬الحلوى‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية،‭ ‬إذ‭ ‬تحافظ‭ ‬ربة‭ ‬البيت‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬مذاق‭ ‬الأكلات‭ ‬الشعبية‭ ‬طوال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إضفاء‭ ‬ذوقها‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬المائدة،‭ ‬وبلمساتها‭ ‬بمساعدة‭ ‬بناتها‭ ‬اللاتي‭ ‬تساعدن‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬السفرة‭ ‬البحرينية‭ ‬وطريقتها‭ ‬في‭ ‬التقديم‭.‬

ومن‭ ‬الأطباق‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬والتي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تسجل‭ ‬حضورها‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬على‭ ‬السفرة‭ ‬الرمضانية‭ ‬هي‭ ‬التمر‭ ‬والهريس‭ ‬والثريد‭ ‬اللقيمات‭ ‬والكباب‭ ‬البحريني‭ ‬المصنوع‭ ‬من‭ ‬دقيق‭ ‬الحمص،‭ ‬والخنفروش‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ (‬خبز‭ ‬الرقاق‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يستعان‭ ‬به‭ ‬أيضا‭ ‬لعمل‭ ‬الثريد‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬خبز‭ ‬الخباز،‭ ‬وأيضًا‭ ‬التحلية‭ ‬بالكستر‭ (‬المحلبية‭) ‬والجلي‭ ‬والكريم‭ ‬كراميل‭ ‬والفالودة‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأطباق‭ ‬الحلوى‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار‭ ‬وفي‭ ‬السحور‭ ‬عندنا‭ ‬فهي‭ ‬متنوعة،‭ ‬مثل‭ ‬الخبيص‭ ‬والخنفروش‭ ‬والعصيد‭ ‬والساكو،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أطباق‭ ‬اللقيمات‭ ‬وقرص‭ ‬الطابي‭ ‬والرهش‭ ‬والسمبوسة‭ ‬الحلوة‭.‬

وحلوى‭ ‬الساكو‭ ‬من‭ ‬الأطباق‭ ‬المفضلة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وفصل‭ ‬الشتاء،‭ ‬وتتكون‭ ‬من‭ ‬حبيبات‭ ‬الساكو‭ ‬والسكر‭ ‬والزعفران‭ ‬والماء‭ ‬والهيل‭ ‬المطحون‭ ‬والزيت‭ ‬والجوز‭ ‬والكاجو‭. ‬

وتتنوع‭ ‬السفرة‭ ‬الرمضانية‭ ‬البحرينية‭ ‬بكل‭ ‬الأطباق،‭ ‬لكن‭ ‬تظل‭ ‬هناك‭ ‬الأطباق‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها،‭ ‬إذ‭ ‬يظل‭ ‬المرق‭ ‬أو‭ ‬“الصالونة”‭ ‬من‭ ‬الوجبات‭ ‬المفضلة‭ ‬عندنا،‭ ‬ويتكون‭ ‬من‭ ‬الخضار‭ ‬ويعمل‭ ‬به‭ ‬الثريد‭ ‬الذي‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬خبز‭ ‬الرقاق،‭ ‬بينما‭ ‬بقية‭ ‬الأكلات‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭. ‬وعندما‭ ‬يأتي‭ ‬وقت‭ ‬السحور‭ ‬أو‭ ‬قبل‭ ‬الإمساك،‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تعد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬ربات‭ ‬البيوت‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬سمك‭ ‬الصافي‭ ‬والرز‭ ‬المعمول‭ ‬بالسكر‭ ‬المحمر،‭ ‬“وكلمة‭ ‬محمر‭ ‬لأن‭ ‬لونه‭ ‬أحمر”‭.‬

ومن‭ ‬الأطباق‭ ‬المشهورة‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬“الكباب”،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬طحين‭ ‬الحمص‭ ‬والطحين‭ ‬العادي،‭ ‬ويخلط‭ ‬مع‭ ‬البصل‭ ‬والطماطم‭ ‬والليمون‭ ‬الأسود‭ ‬والبهارات‭ ‬والملح،‭ ‬ويغرف‭ ‬بالملعقة‭ ‬ويصب‭ ‬على‭ ‬الزيت‭ ‬بشكل‭ ‬كباب‭.‬