العدد 4266
الجمعة 19 يونيو 2020
banner
التجني على “الفنتازيا”
الجمعة 19 يونيو 2020

في غابر الأزمنة، كانت من أكثر الأعمال الدرامية تفرداً أعمال “الفنتازيا”، وكان مقبولاً - إلى حد ما - بعض التواضع في تقديمها، وفقاً للإمكانيات المتوفرة آنذاك، لكننا اليوم، وبعد المضي قدماً في إمكانات تسخير تكنولوجيا جديرة تجاوزت الحدود والخيال، وأصبحت عاملاً مساعداً جداً في تقديم غير المألوف، لم يعد الجمهور متقبلاً مشاهدة أعمال تشبه “الفنتازيا”، ساخرة بذلك من عقليته الواعية.

إن أكثر ما يميز المنصات الخاصة بالأفلام والمسلسلات التلفزيونية مثل “نتفلكس” وغيرها من المنصات الرائجة والناجحة هو احترام عقلية المشاهد، فلا تجد - في الغالب - أعمالاً تتجاوز بعدم احترام العقلية المتطورة والمتجددة، والتي تعبر عن نضوج الجمهور المتابع جيلاً بعد جيل، وذلك بالتوازي مع التقدم الفكري والتكنولوجي، ما يمنحها إعجاب مختلف المشاهدين حول العالم، فلم يعد وارداً والمشاهد مطلع على أبرز وأهم الأعمال في العالم، وعلى آخر النتاجات الفنية المبدعة، أن يتقبل ما دون المستوى.

وعند النظر إلى أفلام البدايات الأولى لهوليوود، تجد الجواب على سؤال قد يعد حائراً لدى الكثيرين، لماذا هوليوود بالذات؟! لماذا تميزت صناعة السينما هناك، وانطلقت بقوة، حتى غدت الأولى عالمياً إلى وقتنا الحاضر؟! ستجد الجواب بكل بساطة أنه رغم تواضع الإمكانيات في ذاك الزمن، إلا أن الصناع احترموا عقلية المشاهد، وبذلوا قصارى جهدهم في إقناعه، وهذا الاحترام المتبادل ما بين صناع الفن والجمهور، لهو المعادلة الحقيقية التي ضمنت لهوليوود النجاح والاستمرار.

في بداياتي مع كتابة السيناريو التلفزيوني، كنت متحمساً لتقديم أعمال تندرج تحت إطار “الفنتازيا”، لما يمكن أن تتخطاه معها من حدود بعيدة جداً عن الواقع الرتيب، لكن القامع الأول لهذا الحماس كان جهات الإنتاج التي تفضل الأسهل، والأكثر نفعاً مادياً، دون اعتبارات التفرد، على أي حال، مهما اختلفنا في الرأي، تبقى مهمة تقديم “الفنتازيا” بمعناها الأصلي، والطرق الجديدة لإبرازها وتوظيفها، عصية على متبني “فنتازيا” العصور البائدة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .