+A
A-

حاكم المركزي: لبنان ليس مفلساً.. وهذا ما تبقى من الاحتياطي!

نفى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن يكون المصرف المركزي هو سبب الأزمات التي يواجهها لبنان، مؤكداً خلاف ذلك أن السياسة النقدية المتبعة لفترة طويلة "أبقت على أسعار الفائدة منخفضة، فيما ارتفعت ديون البلاد عاما بعد عام".

ولفت إلى أن النظام كان قابلا للعلاج شرط تطبيق إصلاحات سياسية أساسية بالتوازي، "واليوم، ورغم التقصير ورغم الركود الناجم عن فيروس "كورونا"، فإن لبنان ليس مفلساً"، مشيراً إلى أن عمليات استيراد البنزين والأدوية والطحين لم تتغير، "وأن امتلاك مصرف لبنان لاحتياطات كافية لتمويل الواردات الأساسية، يثبت أننا قمنا بعملنا بطريقة مهنية. ولولا ذلك، لن يكون هناك مزيد من المصارف ولا مزيد من الأموال".

وأوضح في حديث لمجلة "باري ماتش" الفرنسية أن الخسائر العامة بلغت 81 مليار دولار نتيجة تراكم عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة على مدى السنوات الخمس الماضية، مما انعكس على سعر الصرف الوطني.

وقال "كنا نفضل احترام تسديد التزامات لبنان الخارجية (سندات اليوروبوند)، تجنبا لاضطراب قد يؤثر على تدفق رأس المال الأجنبي والعملات الصعبة، "ولكن، أغلبية صناع القرار في لبنان كانوا من الرأي المعاكس، وهكذا فاز الخيار الافتراضي وسحبنا اقتراحنا".

أسعار جنونية.. وحلول بالأفق

وعن تضاعف سعر حليب الأطفال ثلاث مرات، أوضح سلامة أنها ليست مسؤولية البنك المركزي، "بل تقع على عاتق أولئك الذين يستوردونه ويبيعونه. نفكر حاليًا بحل لاعتماد أسعار اقل من تلك التي يتداول فيها الصيارفة".

لتوفير الودائع.. عليها أولا تجنب الإفلاس!

وعن حجب الودائع المصرفية، قال سلامة إن المصرف المركزي بادر ومنذ بداية الأزمة، إلى منح قروض للمصارف بالدولار أو بالليرة اللبنانية، لتتمكن من تلبية طلبات السيولة. ولتوفير الودائع، عليها أولاً تجنب الإفلاس. وقد حان الوقت لتتحمل المصارف والمساهمين حصة من الخسائر الناجمة عن الوضع أو التخلف عن السداد... على المصارف إعادة تكوين التزاماتها، وقد طلبت منها زيادة رساميلها بنسبة 20%، وتلك التي ستفشل، ستصبح تحت سيطرة مصرف لبنان".

تهريب يقابله مكافحة تبييض الأموال

ورأى حاكم مصرف لبنان أن أداء الدولة افتقر إلى الشفافية، "ولم يكن هناك ما يبرر بعض حالات العجز، خاصة عندما رفعت أجور القطاع العام. ثمة معلومات توزع عن التهريب والأسواق وإيرادات الفيول. لقد وضع البنك المركزي القوانين والتعاميم لمكافحة تبييض الأموال والتهرب الضريبي وتاليا الفساد، موضع التنفيذ. يبقى فقط تطبيقها بدقة".

قطيعة بين المركزي والحكومة؟

وعن انهيار الحوار ما بينه وبين الحكومة بعد اتهامه له بعد اطلاعها على التدابير الأخيرة، أوضح سلامة "أن الانتقاد لم يكن بسبب القيود بل بسبب التعاميم التي تسهّل حصول اللبنانيين على ودائعهم. علما أن البنك المركزي لم يتخط صلاحياته بموجب قانون النقد والتسليف. ورغم ذلك، نسعى جاهدين للحفاظ على الحوار والتعاون من أجل مصلحة البلاد".

رأسمال البنك المركزي "إيجابياً"

وعن خسائر المصارف ومصرف لبنان في ظل تراوح الأرقام بين 40 مليار دولار (100% من الناتج المحلي الإجمالي) و68 مليارا، أوضح سلامة أنه وفقاً للتقييم الذي قدمه لوزير المال ولمجلس النواب، "فإن رأس مال البنك المركزي لا يزال إيجابياً. نحن قادرون على إجراء التعديلات المحاسبية المطلوبة للتفاوض مع الدائنين والشروع في الإصلاحات، دون اللجوء إلى المصارف أو الدولة، شرط أن تسدد الأخيرة ديونها لنا".

وعما تبقى من احتياطي المركزي من الذهب والعملات الأجنبية، قال "حتى إذا أزلنا 5 مليارات يورو هي حجم التخلف عن السداد، فإن الاحتياطي يصل حاليا إلى 30 مليار دولار، بما فيها 20 مليارا نقدًا ومخزونا ذهبيا بقيمة 15 مليارا. وهذا دون احتساب السحب على المكشوف بالليرة، أي 16 مليار دولار، وهي متبقية وأن كانت غير مدرجة في ميزانية المركزي".

وأوضح أن القطاع المالي والليرة يعانيان من تداعيات الأزمة الإقليمية التي يعجز لبنان عن التحرر منها، فضلاً عن استهدافهما ولمدة ثلاث سنوات بحملات تشوية منظمة استخدمت كأداة للضغط في الانقسامات الإقليمية.

قطع مصادر تمويل "حزب الله" بضغط أميركي

وعن قطعه بعض مصادر تمويل "حزب الله" بضغط أميركي، قال سلامة إن التعاميم صدرت بمعزل عن أي اعتبار سياسي "لتتماشى والقوانين المعمول بها مع المصارف المراسلة ولإبقاء لبنان ضمن منظومة المجتمع المالي الدولي. هذا ضروري للبنانيين التواقين إلى الحرية ولشؤون التجارة". ورأى أنه من مصلحة الحكومة التي تعيّن محافظ البنك المركزي، أن تحافظ على انفتاحه على العالم للحفاظ على الاقتصاد اللبناني.

وبالنسبة إلى المفاوضات مع صندوق النقد، قال سلامة إن لبنان يرغب في تلك المفاوضات، بما يشمل مصرف لبنان الذي يشارك فيها. "نحن في بداية الحوار، ونأمل أن تسير الأمور بسرعة". وأكد أنه مستمر في مهمته "وطالما يريدني الناس، سأستمر في خدمة مصالح لبنان. يجب ألا نفقد الأمل أبداً".