دفع التقاعد الاختياري بما تضمنه من امتيازات عديدة نسبة كبيرة من موظفي القطاع العام إلى خيار الخروج من الوظيفة، والتقاعد فرصة لاكتشاف الذات لا كما يتصور البعض بأنه الركون إلى حياة الدعة والكسل، وكان يفترض ممن أتم عقودا من السنوات أن تتكون لديه خبرات متعددة ومن ثم فإن الأجدى والأجدر أن تستثمر هذه الخبرات بما يعود بالمنفعة للشخص أولا والمجتمع ثانيا، وهذا بالتحديد ما تفعله دول عديدة من الغرب والشرق.
الأيام الفائتة حملت خبرا جديرا بالإشادة ويرمي إلى تطبيق الفترة التجريبية لسياسة العمل الحكومي من المنزل. مثل هذا التوجه لقي ترحيبا من الجميع وخصوصا من المجلس الأعلى للمرأة كونه يواكب توجهات الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية، وفي ذات الوقت يحقق الاستقرار الأسري ويرفع جودة حياة الأسرة البحرينية.
أحد الأهداف التي يرمي إليها التوجه الحكومي بتحديد عشرات الوظائف للعمل من المنزل هو ترشيد النفقات وفي ذات الوقت فإنه يسهم في التطور الوظيفي، أي أنّ الموظف الذي يمارس عمله من المنزل سيستطيع إنجاز الأهداف بحرية تامة دون التقيد بالوقت، والذي يؤكده الخبراء أنّ سياسة العمل من المنزل أخذت طريقها في التطبيق في الكثير من بلدان العالم وأثمرت نتائج إيجابية، وبالنسبة إلى مملكة البحرين فإنّ المتوقع إذا ما قدر لهذه الفكرة أن تأخذ دورها في الواقع العملي بالإضافة إلى ما أشرنا إليه سابقا فإنها ستخفف الازدحامات في الشوارع، حيث تشكل واحدا من الهواجس لدى الكثيرين وخصوصا موظفي القطاعين العام والخاص، ناهيك عن أنها ستقلل مراجعة الموظفين الهيئات والوزارات الحكومية وما تتطلبه من وقت وطاقة.
وكنا نتمنى لو أنّ هذا التوجه اقتصر على المتقاعدين من ذوي الخبرات، لأنهم الفئة التي من الممكن أن تمارس العمل من المنزل نظرا لما تراكم لديها من خبرات وهذا ما تم تطبيقه في بلد كاليابان عندما أعادت توظيفهم كمستشارين غير مقيدين بالحضور مع منحهم امتيازات تتناسب مع سن ما بعد التقاعد، وهو ما ينسجم مع رغبة الفرد الياباني في العمل والإنتاج حتى آخر يوم في حياته.