يطل علينا تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في كل مرة ليعلن عن مفاجآت جديدة، وبعضها متكرر، وهو ما يخلق ردود فعل متشابهة قوية من قبل الناس، فضلاً عن الاستياء الذي يبديه النواب، مع عدم وجود آلية واضحة لتعامل النواب مع هذا التقرير الذي يثير حفيظتنا جميعاً، ويخلق تساؤلات متكررة عن سبب تفاقم واستمرار التجاوزات في بعض وزارات وأجهزة الدولة رغم الصلاحيات التي يمارسها ديوان الرقابة ونتائج تقريره المعلن!

آلية عمل الحكومة الآن واضحة ومعروفة تجاه التقرير، وهو ما يتمثل بعمل اللجنة التنسيقية برئاسة سمو ولي العهد، وما نتج عنها سابقاً من إحالة بعض القضايا إلى النيابة العامة، ومتابعة الحكومة تحقيقات الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني، واتخاذ الحكومة إجراءات محددة منها تصحيحية وأخرى تأديبية.

المطلوب من مجلس النواب اليوم، ليس علو الصوت، والإفصاح عن الاستياء العارم لما ورد واعتدنا وروده في التقرير، بل قراءة هذا التقرير بعين فاحصة، والعمل على وضع آلية ممنهجة وفق كتل نيابية قوية، تعمل على توجيه المساءلة والرقابة للجهات التي وردت مخالفات متكررة باسمها في التقرير، وكلفت الدولة ملايين الدنانير بسبب هذه التجاوزات، وأساءت استخدام المال العام، ونالت من حقوق المواطن ومكتسباته، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة جاهدة إلى الخروج من عنق زجاجة الأزمة الاقتصادية، واتباع سياسة التقشف، وفرض الضرائب، هذه الجهود النيابية – إن وجدت – ستكون أفضل من اقتراح - بعض النواب – تعيين طاقم يستقبل عائلاتهم في المطار، بدل أن يسهموا منذ البداية في ضمان العيش الكريم للمواطنين، وليس زيادة مظاهر الترف لهم ولعوائلهم!.