ترددت كثيرا في كتابة هذا المقال لأنني من المؤمنين بوجوب تكريم المرء في حياته وإعطائه حقه المشروع في الاهتمام وتسليط الضوء على تاريخه وأعماله، لكنني كالآخرين، اكتشفت مدى تقصيري، بعد الرحيل المفاجئ لأستاذة الفنون بجامعة البحرين سامية أنجنير، الفنانة والإنسانة المختلفة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ورحيلها اليوم يعد فقدا كبيرا لي ولغيري، إنه رحيل دون وداع وعلى عجالة، وكعادتها في هدوء.
نعم، كنت أتلقى منها يوميا الكثير من الرسائل النصية وأبادلها الأدعية والصباحات والمساءات، وإن تكاسلت في الرد تحرجني بسؤالها عني وعن عائلتي، أذكر أنه في أحد الأيام لم يصلها مقالي، هاتفتني وسألتني أين المقال؟ وجدتها مهتمة، واستشعرت استغرابي، فقالت لي أقرأ لك لأنني أحبك وأعلم أنك تحبيني... يا الله كم كانت رقيقة، ويا أسفي وأنا الآن أرثيك.
كان يوم الثلاثاء قبل الماضي ثقيلا، ولا أعلم السبب، تنبهت لعدم استلامي رسالة صباحية منها، لكنني توقعت سفرها خارج البلاد، والله يشهد مدى ثقل الأيام التي مرت علي وعلى غيري دون أن نعلم السبب إلى أن تلقينا خبر وفاتها المحزن، كم شعرت بالتقصير كوني لم أبادر بالسؤال وانتظرت أن تدللني وتبادر هي كما تفعل كل صباح.
لن أكتب عن تاريخها الفني ولا مسيرتها التربوية في تخريج الأجيال، فكل البحرين تعلم كم أعطت وكم وهبت، كم كانت أما لكل من يحتاجها، حيث كانت لها قدرة كبيرة - رحمها الله - على الإصغاء وتلقي كل همومك وأفكارك وتشجيعك، وكم أثقلنا عليها أنا وغيري دون ملل منها أو كلل.
رحلت الدكتورة سامية أنجنير مخلفة وراءها قلوبا محبة تذكرها بدعائها، وتاريخا فنيا عريقا، وأسلوبا راقيا مختلفا في التعامل يحتذى به، وستذكرها الأجيال دوما بالخير، رحلت عن الدنيا، لكنها خلدت اسما مختلفا في عالم الفن والأدب والتربية، وقبل هذا كله خلدت اسما ساميا في عالم الإنسانية... رحمك الله يا سامية.