تبعث مظاهر شهر رمضان المبارك الروحانية والهدوء والسكينة، وهي مظاهر غارقة في العبادة والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، ومن بين أوجب الطاعات في الشهر الفضيل عدم الإسراف والتبذير في الأكل والشرب؛ فهي صفات تذهب النعمة وتزيلها، ومن بين المظاهر غير المحببة والواضحة في الشهر الفضيل الإكثار من طبخ الأطعمة، والمبالغة في إغناء الموائد الرمضانية في الفطور والغبقة والسحور، وهي ممارسات أصبحت تشكل نوعاً ما ظاهرة في مجتمعاتنا، وينبغي ألا ننسى أن لها آثاراً وخيمة على المجتمع وبنائه كزوال النعمة لا سمح الله، في الوقت الذي يوجد فيه من هم بأشد الحاجة إلى اللقمة الطيبة أو أكل طعام متنوع للمحافظة على الصحة الإنسانية.

نشد على أيادي بعض الجهات التي عكفت في الآونة الأخيرة على محاولة الاستفادة من الأطعمة الزائدة وإعادة توجيهها للمحتاجين والفقراء من الناس، وهي مبادرات طيبة، تغني المصلحة العامة، وتنم عن المسؤولية الاجتماعية التي يشعر بها هؤلاء المبادرون من الجهات والأفراد ممن كلفوا أنفسهم عناء القضاء على هذه الظاهرة السيئة.

من ناحية أخرى، لماذا لا تكون هناك حملات توعوية نشطة على المستوى العام للنهي عن الإسراف في الطعام والمبالغة في إعداد الموائد؛ كي نعالج المشكلة من جذورها، قبل وقوعها؟ نسأل الله أن يعيننا على صيام الشهر الفضيل، وأن يتقبل أعمالنا وطاعاتنا، وألا يجعلنا من المسرفين.