وعطرك يسبق ثوبك، موقفك يجدر عزمك بدأته إصلاحا ذهبيا، قومته دعائم لوحات زيتية بألوان ديمقراطية على جدران تصدعت بجرح، وترملت بوجع.
وكنت تهيئ العرس، وتشك تطريز ثوب، وتسدل ستارا لترصع حجر ماس، وتغرز ضفيرة ملاك، وتنحت حجر تمثال حرية، وتنصب علما، وتقيم قلاعا، وتهندس مؤسسات، وتفرش وردا، وتنثر زهرا، وتزرع فسائل، وتلوي عنق ماضٍ، وتنتصر لحاضر يحبل مستقبلا.
هيأت لحفل وعرس، ليكون ثمارا وغرسا، فتحت صحافة، وأقمت أشرعة نقابة. أفرعت نقابات. أسست برلمانا، وجامعات، ومستشفيات، وبيوت إسكان، وبيوت كانت آيلة للسقوط فأصبحت ملأى بالسكنى والقنوت. وبين كل هذا وذاك، زرعت إنسانيتك مؤسسة ملكية لآلاف من الأرامل والفقراء.
وكل الذي طلبته موقف ولاء، ودعم لانطلاق القطار، وتنضيج الديمقراطية على نار هادئة، لكنها المراهقات السياسية، والأفعى الطهرانية أبت إلا إيقاد النار في الثوب الوطني عبر إعلام، شيطن كل إنجاز، وسمم النرجسيات، فكانت المقاطعات هي الجزاء، وربيع الدم هو الوفاء، فتكسرت زهور، وذبلت جذور على سجادة خضراء أردتها قومية وأبى بعض السياسيين إلا أن تكون فارسية.
ولو كان ثمة عقل سياسي لجاءك دعاة السياسة، اليوم واضعين يدهم بيدك في ظل هذه الأزمة الخليجية، بمبادرة ولاء وطنية منتزعة الشروط، ليقولوا: نحن معك في الدفاع عن الوطن، والخليج والعالم العربي، لكن كيف يكون ذلك، والأيديولوجية السياسية تلمع التمثال الإيراني رغم سوءاته. فهاهي إيران تقدم الطعم لقطر لتمثيل دور المنقذ الرحيم، وهي هي إيران التي مافتئت تنجب خيبات، وتزرع ميلشيات، وتبتلع كضبع يعتاش على جثث الجغرافيا المحترقة، بدلا من أن تتداوى من نقرس سياسي لشدة ما انتفخت بلحوم بشر، وضحايا، في لبنان والعراق واليمن.
أبا سلمان، وإن تشابكت قطع الليل حزنا، وتمزق ستار الشرق الأوسط كربا، فكل موال معك معك، في المكاره صبور، وفي الشدائد وقور، ينتقل الولاء لك من كتف مواطن لكتف مواطن.
يكبر الحب فيك، ولا يشيخ، يهزأ الشوق من الغياب، ويسبق الود العتاب. لو يعرفونك لخجلت كلمة ثكلى، وليبست حنجرة تطاولت، ولخرس لسان، حرفه سم، ولونه لغم.
أبا سلمان، كل الشعب معك سنة وشيعة في موقفك المبدئي من صيرورة ديمقراطية لا تقبل التمذهب السياسي، ولا تستعين بلغة “مرشدين” ضيعوا أوطانا ولغوا عمرانا، وبنوا مقابر.
معك الشعب في تحالفك الخليجي الميمون في تركيع غوغاء حوثيين إيرانيين، يخرج من لحاهم غبار تاريخ. معك في قراراتك الحكيمة في نصح الجار القطري للعودة إلى الهم المشترك الخليجي.
طال ليل أم قصر صبح، فبغيرك لا الشعب شعب ولا الوطن وطن.
دعونا نضع يدنا بيد جلالة الملك لنبني البحرين والخليج بعيدا عن الأفاعي الإقليمية، فمازال هناك فرص ذهبية لا تضيع لتثبيت منطق الوطن على منطق الحزب.
أبا سلمان، دمت فارس اللحظة التاريخية، أنت وشيوخ الخليج عزا وعلوا وسؤددا. فهذا الخليج عربي الأصل والانتماء، أنتم فرسانه.
أبا سلمان، إنه تاريخك: تاريخ ملك مَلَك التاريخ.