الإسلاميون كما كل الشيوعيين والقوميين والبعثيين يكررون ذات الأخطاء السياسية، يخلقون أزمة في الوطن ثم يبحثون عن حلول ساعة خراب البصرة.
الخطابات ذات الخطابات، هائجة، تصنع خصوما، وتحرق العلاقة مع السلطة في هياج شعائري عاطفي رومانسي بمطالب عادلة وشعارات قاتلة. جيناتهم مختلفة لكن حامضهم النووي واحد.
ترتفع سقف المطالب بصورة دوروماتيكية مذببة كقنبلة مسمارية تنفجر على الألسن لتصل في الشوارع، وعلى الأرصفة. تكبر ككرة الثلج تدحرجا حتى تغطي الوطن ومنافذه. تبدأ بخطاب استعراضي ممسرح شكسبيري عنقائي بكوميديا سوداء لا تخلو من اضطراب هوسي سيكولوجي يقود إلى اكتئاب وطني حاد يؤثر على الصحة الشعبية لسنين طوال فيصبح كل مواطن مصاب باضطراب ثنائي القطب متأرجحا بين الفرح والحزن، وتنتهي بأوجاع سياسية سايكوباتية، وجروح مجتمعية غائرة، وطعنات أمنية يبقى فيها جسد الوطن مصابا بنزيف حاد.
في النهاية، الوطن يتحول إلى سيارة إسعاف بدلا من أن يكون كما كان صالة فرح مع قليل من تمزق الستار، كل تجارب الحركات الثورجية بشتى عقائدها لم تستطع صناعة دولة حداثوية ذات مشروع تنموي راق من إيران إلى العراق إلى مصر إلى ليبيا إلى اليمن إلى لبنان الخ والسبب أنهم يمتلكون شعارات رنانة رومانسية متبله بتتبيل ديني ميتافزيقي، وقدرة فائقة على تعبئة الجماهير المشفرة، لكنهم لا يستطيعون تحويلها إلى مشاريع إنمائية إنما موشاة بالخيبات وتعاني من إضرابات ما بعد الصدمة من إنكار وغضب وتقبل واقع جارح يستعان علية بطقوس سماوية تخفف وجع الواقع.
من يعاني من ضعف في النضج الديمقراطي حيث يخون ويكفر من يختلف معه في الخطاب والأداء كيف يستطيع نصب خيمة الديمقراطية، وزرع مضارب المدنية؟ إنها شوزفرينيا حادة.
إيران الجارة تتوحم على استعمار العالم الإسلامي حارة حارة، وتصنع لها بخطابها المراهقي معسكرات سياسية قومية، حيث حولت اتباعها إلى رهائن في معسكرات ولاية الفقيه، وأصبحت مصابة بالنقرس السياسي لكثرة ما أكلت من لحوم الجغرافيا المحترقة في العالم العربي من لبنان إلى اليمن إلى العراق إلي سوريا. وحسب تصريح مسؤول لها: “ما بعد سوريا واليمن البحرين”، وقِس على ذلك عراق الحكيم وحزب الدعوة ومقتدى الصدر، حيث أصبحت الدولة العراقية تضرب في سيادتها بدخول الآلاف من الإيرانيين بلا تأشيرة دخول رغم فرضها قانونيا. وتنسج القرارات العراقية كما تنسج سجادها الفارسي وتفرض خطاباتها كقصيدة شيرازي أو الخيام.
أو هيبة الدولة اللبنانية المهشمة بسبب استعراض حزب الله وإلغاء وجود الدولة. واليمن مغيب بفضل ميلشيات الحوثي (أرجو قراءة مقاربات ماجد المدحجي، وهو مثقف يمني مستقل) وإيران الديمقراطية، المرشد من يحدد من يترشح للرئاسة الصورية المسلوبة القرار كما حدث لخاتمي وقت الرئاسة حيث كان رئيسا بلا صلاحيات، وهو الفيلسوف الكبير كما تشهد كتبه على ذلك، ومنع ترشح أحمدي نجاد قبل أيّام خلت وهو الذي كان مقربا.
السؤال: هل نتعلم من فشل تجربة الإخوان في مصر حيث مهزلة الحكم، والقرارات الفاستفودية؟ هل نتعلم من مقاطعة، وخصومة اخوان الأردن للدولة الأردنية، وكيف انتشت شهوتهم للكرسي، وتهديدهم للحكم عند سكرتهم بتكرار وصول اخوان مصر للحكم؟ هل يتعلم الحوثي من مدى خطورة وخسارة تكرار تجربة حزب الله في لبنان في اليمن في تماهي إسقاطي سيكولوجي من دون مراعاة تعقيدات اليمن؟ هل نتعلم من بكاء العراقيين من وصول حزب الدعوة وبقية الفصائل إلى كرسي الحكم بالعراق إلى هذا الفساد الإداري والمالي والأمني؟ (أرجو قراءة تقارير الأمم المتحدة لوضع العراق) هل نستفيد من تقطيع أوصال ليبيا إلى كانتونات حزبية، وتحويلها إلى فوضى؟ هل يستفيد المعارض الكويتي من أخطاء هذه الحركات وما جرى على المنطقة من ويلات؟
خطابات البراك تعيد تكرار الأخطاء من خطابات صادمة تعيد تدوير الكوارث والنكبات ولا تجر على الكويت إلا أوجاعا وآلاما وهي التي تمتاز بأمير حكيم أثبتت التجربة قدرته على بناء كويت متطور آمن بوحدة وطنية متماسكة هو صمامها.
نعمتان مجهولتان الصحة والأمان. على البراك أن ينتزع النظارة السوداء ويرى حجم معاناة العراق وإيران وليبيا واليمن ولبنان وسوريا ليعرف حجم النعمة التي تعيشها الكويت وبإمكانه طرح خطاباته عبر مجلس الأمة والقنوات الدستورية لا الساحات العامة فمعظم من كانوا معه متفاعلين من تجمعات شاركوا في الانتخابات النيابية وهو في السجن.
بإمكانه ترسيخ الحقوق والعدالة وهي حقوق مشروعة، ولكن ليس في الشارع، وعلى الكويتيين أن يحمدوا النعمة التي هم فيها، فالنعمة زوالة، والعقل نعمة.