يُعد مفهوم الانتماء الوطني من المفاهيم التي اهتم بها الكثير من الأدباء والكتاب، وتناولوها في كتاباتهم ومحاضراتهم. والانتماء هو ارتباط الإنسان من حيث وجوده في المكان والزمان الذي يعيش فيه، فالزمان هو الوقت الذي يعيش فيه والمكان هو الوطن الذي يعيش على ترابه، وهو انتماء يُولد مع الفرد ويبقى معه حتى نهاية حياته. ويصقل هذا الانتماء تربية الإنسان في بيته وبين أسرته، إذ تعد الأسرة المدرسة الأولى للإنسان، ويتعلم من المدرسة والإعلام والمؤسسات المجتمعية ومن أفراد المجتمع، كل هذه القنوات تشحن الإنسان بشحنة ذهنية ووجدانية عن المواطنة وحب الوطن. 

للتربويين دور مُميز في غرس وتعزيز روح المواطنة لدى الطلبة، وذلك من خلال تزويدهم بالمعارف التربوية الوطنية، كتاريخ بلادهم السياسي والوطني، وتاريخ قيادته التاريخية والسياسية، ومكونات الدولة من الحكومة والدستور والمؤسسات الوطنية. ومن هذا المنهج التربوي الوطني يتعلم الطلبة معنى النظام وقيمه الصالحة، وكيفية بناء المواطنة الحقة، وترسيخ قيم التعاون والتسامح والتعايش مع الآخر. لذا فإن دور التربويين مهم جدًا في تثقيف الطلبة بمقررات التربية الوطنية وتعزيزها في جميع المواد الدراسية والأنشطة التعليمية والمجتمعية الأخرى. إن الانتماء جوهر الهوية الوطنية في جميع المجتمعات، فالإنسان الذي يشعر بالولاء والانتماء لأرضه يبتعد كثيرًا عن التعصب ضد الآخر، ولا يكون منغلقًا على نفسه، بل يكون قلبه متسعًا للجميع. 

ومنذ بدء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك عاهل البلاد عملت وزارة التربية والتعليم على تدريس مادة المواطنة والتربية الوطنية وغرس مبادئها في جميع المواد التدريسية في جميع المدارس والمعاهد والجامعات، سعيًا منها لخلق المواطن الصالح الرشيد بعيدًا عن التعصب والتطرف الذي يسود الكثير من المجتمعات. إن للتربية الوطنية انعكاسات إيجابية على المتعلمين، تعمل على ترسيخ هويتهم وتعلمهم تحمل المسؤولية المجتمعية، وتعرفهم معاني الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومفاهيم الحرية والعدالة والسلطة، واحترام القيادة السياسية، وأهمية التقيد بالأنظمة السياسية والاجتماعية.

إن الهدف الأساسي من التربية الوطنية هو اجتثاث أفكار التعصب الاجتماعي والتطرف الديني من أذهان الطلبة وما تبثه القنوات الفضائية المحرضة والشبكات التقنية والمعلوماتية الضالة.