واشنطن عاصمة المال والثروات، والسلوكيات الخاطئة والمخدرات، وبعد 15 عامًا على أحداث 11 سبتمبر 2001م مازال الإعلام الغربي المضلل يُجدد بوسائله السياسية والإعلامية اتهام المملكة العربية السعودية بهذه الأحداث، وبعض المتنفذين في المؤسسات التشريعية الأميركية يحاولون تمرير قانون يجعل السعودية تدفع مليارات الدولارات لأسر ضحايا هذا الحادث الإرهابي لنحو ثلاثة آلاف شخص قتلوا في الحادث. والقضية ليست قضية تعويضات ودولارات بقدر ما تمثل هذه المطالبة من اتهام السعودية بدعمها الإرهاب، ومن أجل جعل هذه القضية أداة للابتزاز المالي والسياسي والاقتصادي من قبل واشنطن وعواصم الغرب من أجل الحصول على امتيازات وعقود حصرية لها دون غيرها من الدول.
ووكلت السعودية (مايكل كيلوج) المحامي الأميركي الذي أبلغ محكمة مانهاتن في نيويورك المرفوعة فيها القضية أن السعودية لا علاقة لها أبدًا بهجمات 11 سبتمبر، وقال للقاضي (إن الاتهامات ضد السعودية أسقطت منذ 9 سنوات) إلا أن القاضي الاتحادي قال (إن السعودية كانت محمية بحصانة سيادية)، وهو ما دفع أقارب الضحايا إلى مواصلة اتهامهم للسعودية الذين لم ينجحوا في إثبات دعواهم بل اعتمدوا على الإشاعات والافتراضات لدعم اتهامهم الباطل. ومن أجل الحصول على المال العربي وابتزاز السعودية أمرت محكمة استئناف فيدرالية أميركية في ديسمبر 2013م بإعادة اسم السعودية إلى قائمة المدعى عليهم بعد أن أمر قاض في عام 2004م بإزالة اسم السعودية من هذه القائمة. فهل إعادة اسم السعودية كمدعى عليها تم على أساس قانوني قضائي أم على أساس حسابات سياسية للإدارة الأميركية وملف حربها على الإرهاب؟ الإدارة الأميركية عندما أعلنت الحرب على الإرهاب فإن مسؤوليتها لا تتعدى إصدار القرار وقد تشارك عسكريًا في هذه الحرب، أما تمويل هذه الحرب وهي “باهظة التكاليف” فيتحملها الآخرون؛ لذا فواشنطن وعواصم الغرب تسلك طريق الابتزاز (كونها دول مافيا الابتزاز) تحت عناوين وهمية (شركاء في الحرب على الإرهاب)، وخصوصا أقطار الخليج العربي فهم الشركاء المعنيون بتمويل هذه الحرب.
إن من بين المنفذين الـ (19) لهجمات 11 سبتمبر (15) سعوديًا لا يعني أن القيادة السعودية تتحمل مسؤولية ذلك، وليست وزارة دفاعها هي من أرسلت هؤلاء إلى نيويورك، وبجانب السعوديين هناك إماراتي ومصري ولبناني، فهل سيتم الطلب من هذه الدول لدفع التعويضات أيضًا؟ عِلمًا أن المملكة العربية السعودية حصلت على البراءة وبشكل قاطع في 29 يونيو 2009م بتأييد المحكمة العُليا الأميركية لحكم يقضي بعدم إمكان تحميل المملكة وعدد من مواطنيها المسؤولية عن الهجمات التي نفذت في 11 سبتمبر، كما رفض القضاة إعادة النظر في حكم أصدرته محكمة استئناف أميركية في نيويورك يقضي بأن (المتهمين السعوديين تحميهم الحصانة السيادية في الدعوى التي أقامها ضحايا الهجمات وعائلاتهم). وأيدت محكمة الاستئناف حكم محكمة الدرجة الأدنى برفض الدعوى القضائية التي تدعي (أن المملكة وأربعة من الشخصيات البارزة ورجال أعمال سعوديين وهيئة خيرية سعودية ومصرفا سعوديا) قدموا دعما ماديا لتنظيم القاعدة قبل هجمات 11 سبتمبر. والمثير للأمر أنه كيف يمكن إحياء هذه القضية من جديد بعد رفض المحكمة الأميركية العُليا استئنافا تقدم به (7630) أميركيًا من أهالي الضحايا وبالمطالبة بمقاضاة مسؤولين سعوديين بتهمة المساعدة في تمويل منفذي هذه الهجمات! وخصوصا بعد أن حظيت السعودية ببراءة جديدة في 16 مارس 2012م من هذه الأحداث، وهذا ما يعني عدم مسؤوليتها عن أية تعويضات لصالح الضحايا أو عن خسارة شركات التأمين الأميركية للمليارات التي دفعتها كتعويضات لأسر الضحايا.
إن موقف المملكة العربية السعودية وقيادتها وحكومتها من الإرهاب جلي وواضح بأنها ضد الإرهاب وهي تحاربه وتتحالف مع أعداء الإرهاب عربيًا ودوليًا. بينما هناك تناغم جلي وواضح بين إدارات البيت الأبيض المتعاقبة والإرهاب الدولي ومنظماته المتعددة. فإذا كانت هناك مطالبات وتعويضات مالية سعودية، فعلى الولايات المتحدة الأميركية من إدارات وشركات ومنظمات وأفراد الاستعداد لدفع التعويضات المالية المناسبة لشعوب ودول العالم التي اعتدت عليهم وخربت ديارهم، العرب وأقطارهم أولاً ومن ثم أقطار أميركا اللاتينية وأفريقيا، فكم هي عدد المليارات التي ستدفعها لكل هؤلاء؟ كم ستدفع لفلسطين وبيروت والعراق وأهله؟ كم ستدفع للذين أوقفتهم وعذبتهم في سجون غوانتاناموا؟ وكم ستدفع أميركا إلى الأقطار العربية التي عبث بها سفراؤها وأتباعها أثناء الربيع العربي الأصفر؟ جميع الأقطار العربية وغير العربية وشعوبها لديها الأدلة والوثائق بالصوت والصورة وبالكتابة عن كل الجرائم الأميركية المقترفة بحقها. فبراءة السعودية من أحداث 11 سبتمبر كبراءة الذئب من دم يوسف، ودلائل جرائم أميركا واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار. وليس هدفها من هذه الجعجعة إلا الابتزاز وسرقة المال العربي من قبل عصابة مافيا الابتزاز الأميركية.