العدد 2750
الإثنين 25 أبريل 2016
banner
لستم أكثر من ظاهرة صوتية
الإثنين 25 أبريل 2016

لا يمكننا أن نفهم أبدا تراجع النواب عن دعم رواتب المتقاعدين إلاّ بكونه خذلانا ونقضا لعهودهم بل جزمهم بالسعي لرفع المستوى المعيشي للمواطن. قد نفهم عدم مساندة أعضاء الشورى أي قرار يهدف لرفع المستوى المعيشي للمواطن لكن ليس بوسعنا تبرير ما أقدمت عليه لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس بتراجعها والاتفاق مع قرار مجلس الشورى برفض القانون. من المؤسف ان ينساق الإخوة النواب مع نهج الشوريين في تبريرهم ورفض المشروع الرامي الى تحسين اوضاع المتقاعدين ممن تقل رواتبهم عن 300 دينار كحد ادنى للمعيشة. لاحظوا اننا نتحدث عن الفئة المسحوقة من المتقاعدين. لم يجشم السادة النواب انفسهم عناء البحث في اوضاع المتقاعدين بل انهم استنسخوا العبارة التي تفتق عنها ذهن الشوريين ونصها التالي “لصدور تشريعات سابقة حققت الغاية من تشريع دعم الرواتب والمعاشات”.
 الإحصاءات الصادرة عن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي تؤكد انّ نسبة المتقاعدين الذين يتقاضون معاشات تقاعدية تقل عن 400 دينار تشكل 40 % من العدد الكلّي للمتقاعدين. بيد أنّ الهيئة تجاهلت انّ هناك نسبة أكبر من هؤلاء يتقاضون رواتب تقاعدية تقل عن 300 دينار شهرياً. 
 اما رأي اللجنة المالية بأنّ تطبيق مشروع القانون سيؤدي الى توجه اصحاب العمل الى خفض أجور العاملين الجدد فهذا لا يمكن لاحد فهمه فضلا عن تقبله.  كأنّ اعضاء اللجنة أرادوا ايهامنا أنّ ما يمنح من رواتب للعمال هو امرٌ لا دخل لوزارة العمل به او هو خيارٌ لصاحب العمل نفسه.  انّ ما نحن متأكدون منه أنّ ما يتقاضاه العمال من أجور مسألة متفق عليها بين الجهات المعنية متمثلة في وزارة العمل من جهة وأصحاب الاعمال من الجهة الاخرى.
 ربما كان وجه الاثارة هنا ما نقلته الصحف من انّ ثمة خلافا بين الغرفتين التشريعيتين مجلس النواب والشورى في اصل الموافقة على المشاريع بقوانين من حيث المبدأ. ففي حين اقر المجلس النيابيّ الموافقة بعد اجراء بعض التعديلات على نصوص المواد فيما انتهى مجلس الشورى الى عدم الموافقة على مشاريع القوانين من حيث المبدأ.  والخلاصة هو أنّ الجهتين خذلتا المتقاعدين!
 إنّ الأهداف التي يرتكز عليها التشريع هو رفع الحد الادنى لموظفي القطاع الخاص وأصحاب المعاشات وهذا لم يتحقق تحت ذرائع واهية.  اما الهدف الآخر الرامي الى تحقيق المساواة بين المواطنين ومواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرواتب فلا أدري كيف يمكن تجسيد هذه المساواة اذا كان الجميع من اعضاء الغرفتين بات مقتنعا أنّ ما يتقاضاه المتقاعد من راتب محدد، 300 دينار، ليس كافيا لمستوى المعيشة للفرد!
 انّ الأمر محيّر بالفعل ازاء ما يقدم عليه نواب الشعب من قرارات مخيبة للآمال بل هي انتكاسة مفجعة. المفارقة هو ان يصرّح احد النواب انّ اعضاء المجلس النيابيّ يرحبون بالنقد الايجابيّ البناء بوصفه اداة لتطوير العمل النيابيّ ويساهم بطريقة غير مباشرة في ارساء دعائم العملية التشريعية والديمقراطية. لكن السؤال هنا كيف يتعاطى السادة اعضاء المجلس النيابيّ مع النقد الصحافي بالتحديد؟ انّ الواقع يناقض تماما ما يحاول النواب التأكيد عيله. فعدد الذين يتفاعلون مع ما يطرح من آراء قلّة لا تتجاوز اصابع اليد، أما الاغلبية منهم فإنها تتعامل معه بوصفه “كلام جرايد” لا يستحق التوقف أمامه فضلا عن مناقشته.
 على السادة النواب ألاّ يلوحوا باستخدام عصا التهديد والوعيد مع من يصارحهم بحقيقة مواقفهم. وإذا اردنا الحقيقة فإنّهم أو الاغلبية منهم ليسوا أكثر من “ظاهرة صوتية”!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .