العدد 2746
الخميس 21 أبريل 2016
banner
وداعا للبحرنة (2)
الخميس 21 أبريل 2016


في مقالٍ سابق حذرنا من العواقب الوخيمة لتطبيق قرار وزارة التجارة بتخفيضها عدد الأنشطة من 1000 إلى 300 فقط. وأنّ الرسوم الاضافية على كل عامل المقدرة بـ 300 دينار للتأشيرة هي البديل لما كان سائدا من تعهد مؤسسات القطاع الخاص بنظام البحرنة لم يكن موفقاً على الاطلاق. وبالطبع كان القرار فرصة سانحة لأصحاب المؤسسات لتخفيض نسبة البحرنة - كما اشرنا - بل الأدهى هو التنصل من توظيف البحرينيين. إنه التفاف صريح على قانون البحرنة.
 وكان من البديهي أن يثير قرار بهذا الحجم والأهمية مخاوف اصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ولم يعد من مخرج من آثار النظام الجديد سوى تثبيت أعداد البحرينيين في المنشآت وفقا لقرار مجلس الوزراء الذي يدعو الى الأولوية في التوظيف الى البحرينيين، انّ هذا لن يؤثر كثيرا في توظيف البحرينيين في المهن متدنية الرواتب، تأثيره فقط على فرص العمل الجاذبة اذ سيخفض رواتب البحرينيين في القطاع الخاص، إذ سيعمد اصحاب المؤسسات الى تخفيض الرواتب بحيث لا تتجاوز مقدار الرسوم الاضافية.
إنّ صعوبة توظيف العمالة الوطنية تكمن في توفر فرص العمل الجاذبة والتي توفر الاستقرار للعمالة، علما انّ غالبية الباحثين المسجلين هم من فئة الجامعيين، انّ التعهدات سابقا مع اصحاب الاعمال توفر مساحة للتفاوض للحصول على الشواغر الجيدة.
ولتدفق الشواغر الجيدة فإنّ الوزارة اتفقت مع مكاتب التوظيف الأهلية والاستشارية والشركات الاستشارية التي تقدم خدمات التوظيف على ادخال شواغرهم في بنك الشواغر بالوزارة وترشيح الباحثين المناسبين لهم. ونعتقد أنّ الخطوة الأخرى التي نفذتها الوزارة بتفعيل فرق التسويق ضمن برامج اسبوعية لزيارة المنشآت الجاذبة اسهمت بتوظيف اعداد من العاطلين.
 المعضلة التي تواجة القائمين على توظيف العاطلين انّ اغلبية الباحثين عن عمل هم من حملة المؤهلات العليا اي الجامعية بينما ما هو متوفر من شواغر لمن هم ما دون هذا المؤهل. ويؤكد مسؤول بالوزارة انّ الجامعيين استفادوا من 20 % من الوظائف فقط. المعضلة الاخرى انّ 86 % من الباحثين عن عمل هم من الاناث فيما نسبة توظيف الاناث لم تتجاوز 37 %.
 إنّ خشيتنا من القرار المذكور مما سيفضي اليه من انخفاض نسبة البحرنة بل ان يتحول البحريني الى مجرد خيار بين خيارات اخرى وهذا مما يتناقض مع توجه الدولة بأن الاولوية المطلقة هي للمواطن البحرينيّ. إنّ نسبة البحرنة انخفضت من العام 2007م الى عام 2011م - كما اشار الى هذا احد المسؤولين - وهي نسبة مؤسفة ولا تبشر بالخير وخصوصا فيما تعيشه البلاد من ظروف اقتصادية. وفي مناقشة لقضية البحرنة قبل سنوات اكدّ أحد النواب أنّ هناك خللا كبيرا وتهاونا من قبل هيئة تنظيم سوق العمل في تطبيق المعايير ونسبة البحرنة على جميع الشركات من دون استثناء. وبسبب الخلل فإنّ هناك الكثير من الشركات تقوم بالتحايل على القانون والجميع يعلم بذلك.
 وكنتُ قد تناولت مسألة توظيف الاجانب وآثارها السلبية على ابناء البحرين محذرا من عواقبها على مستقبل الأجيال. انّ من حق الخبرات الوطنية الحصول على الدعم والرعاية كونها ثروة وطنية، وما يزعمه البعض من نقص كفاءة البحرينيّ ليس سوى مزاعم وأباطيل يدحضها ما أكده البحرينيون من جدارة وتميز في العديد من شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وتبقى الاشارة الى حقيقة باتت متجذرة بأنّ المواطن يجب أن تكون له الأولوية ومن ثم الآخرون لا العكس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية