من أخص خصوصيات السياسة الخارجية البحرينية عدم التدخل في شئون الغير الداخلية وبخاصة شئون الدول الشقيقة.

عندما اندلعت الاحتجاجات الشعبية في عدد من الدول الشقيقة ،تعاملت مملكة البحرين مع هذا الوضع باحترام لأنظمة هذه الدول وشعوبها،ولم يصدر عنها تصريحا واحدا لا يتفق مع صلات التاريخ والجغرافيا واللغة والدين ومع مقتضيات العلاقات بين الدول الشقيقة،وعندما تفاقمت الاحتجاجات وتحولت إلى ثورات أدت إلى تغيير الأنظمة في هذه الدول،احترمت البحرين خيارات الشعوب العربية وتعاملت مع الوضع الجديد كما ينبغي أن يكون.

ولذلك فنحن حساسون – وهذا من حقنا- تجاه أي تصريح أو تلميح يصدر بشأن أوضاعنا الداخلية من قبل أشقائنا العرب،ومن حقنا أن نوجه العتاب واللوم لكل من يتدخل في شئوننا الداخلية.

إذا كانت الثورات قد قامت في تونس وفي مصر وفي اليمن وفي سوريا فأسبابها معروفة لدى الجميع،وهي أسباب لا تتوفر لدى البحرين بأي شكل من الأشكال.

قد يلتبس الأمر على المواطن العربي العادي الذي لا يعرف شيئا عن البحرين وطبيعة الكلاش السياسي فيها وعلاقته بالقوى الإقليمية والدولية وبخطط دول معينة في المنطقة،لأنه غير مطلع أو متابع لهذه الأمور،فيقوم بالربط بين ما جرى في بلده وبين ما جرى في البحرين،فيأخذه الحماس فيكتب أو يخطب عن الحالة البحرينية و يطالب بدعم المحتجين وهو لا يدري أن ما يخطط له في البحرين من قبل هؤلاء المحتجين يضر بالأمن القومي لبلده التي يعيش على أرضها وليس للبحرين فقط.

ولكن لا يجب أن يلتبس الأمر على المسئولين العرب،رؤساء،أو وزراء،أو سفراء،أو من يطلق عليهم النخبة بشكل عام،فينظرون إلى ما جرى في البحرين على أنه يشبه ما جرى في بلدانهم.

بعض النواب البحرينيين ،في ظل غيرتهم على بلدهم ورفضهم لتصريحات الرئيس التونسي،قالوا أن على السفير التونسي أن يبلغ حكومته بحقيقة ما يجري في البحرين،ونحن لا نلوم عليهم وهم تحت تأثير الغيرة الوطنية الحميدة،ولكننا نريد أن نوضح لهم ولمن يهمه الأمر أن الحالة البحرينية واضحة وضوح الشمس،وأنه من العيب على أي نظام عربي أن يكون على غير دراية بالحالة البحرينية الطائفية التي يجري استخدامها من قبل قوى خارجية،سواء أبلغ هذا النظام من قبل سفيره أو لم يبلغ.

ما نريده من الأشقاء في تونس وفي بقية الدول العربية أن يتعاملوا مع الحالة البحرينية،كما تعاملت البحرين مع الأحداث في بلادهم،لأن أي تدخل في الشأن البحريني في هذه المرحلة الحساسة يمكن أن يلحق ضررا بليغا بالعلاقات العربية كلها وليس فقط بالعلاقات الثنائية بين البحرين وبين هذه الدولة أو تلك.