لا يمكن أن تكون الرسالة التي صاغها السيد نبيل رجب من مركز البحرين لحقوق الإنسان، موجهة إلى ملك البحرين، ولا لأي حاكم خليجي، لأنها رسالة غريبة ولا يمكن لقارئ أن يعرف أنها موجهة لملك البحرين إلا بسبب ورود كلمة البحرين بها.
ولو حذفنا كلمة البحرين منها لتخيلنا أنها رسالة قديمة موجهة إلى نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا قبل مجيء نلسون مانديلا.
صاحب الرسالة يطالب بعدم استخدام القوة ضد المحتجين، وكأن الأمن لم يصبر على سنوات من الاحتجاج وحرق الممتلكات والاعتداء على الأبرياء وإزهاق الأرواح دون أن يستخدم القوة ضدهم أخونا رجب يطالب بحل جهاز الأمن الوطني، وكأن جهاز الأمن تم إنشاؤه من أجل المحتجين والمعارضين، وكأن الدول العريقة في الديمقراطية ليس بها جهاز أمن وطني، وكأن الولايات المتحدة الأميركية حلت “السي آي إيه” وحلت جهاز الأمن القومي لكونها دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، وكأن إيران حلت جهاز “السافاك” بعد قيام الثورة الإيرانية، وكأن روسيا ليس بها جهاز يسمى “كي جي بي”، وكأن ألمانيا ليس بها جهاز يسمى “الشتازي”، وكأن إسرائيل ليس بها جهاز يسمى الموساد.
لو كان صاحبنا قد طالب بإصلاح جهاز الأمن الوطني أو تغيير أسلوب عمله، لكان كلامه قابلا للمناقشة،وكان من الممكن سؤاله عن الممارسات التي يرى أنها غير وطنية في عمل هذا الجهاز، ولكنه بلا أي منطق أو مسؤولية يطالب بحل جهاز مهمته التصدي للأخطار الخارجية التي يمكن أن تهدد أمن الوطن واستقراره،هكذا بجرة قلم، فهل هذا مطلب يتم رفعه لعاهل البلاد؟
هل سيقوم المصريون، بعد نجاح ثورتهم وإسقاط النظام، بحل جهاز المخابرات العامة المصرية أو حل وزارة الداخلية بسبب بعض الممارسات التي وقعت فيها الأخيرة؟
لماذا لا يتكلم السيد/ رجب بمنطق ومسؤولية، خاصة أن لديه قدرا من التعليم؟ أم ان المسألة كلها ابتزاز سياسي بكل السبل الممكنة.
حتى لو افترضنا جدلا أن هناك أخطاء في عمل هيئة أو جهاز أو وزارة، فإن هذا لا يبرر أن ننادي بإلغاء أي منها، وإلا كان من الممكن المطالبة بإلغاء وزارة التربية والتعليم وإلغاء مستشفى السلمانية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
إن مشكلة بعض البحرينيين هي الرغبة في المحاكاة والتقليد لما يحدث في غيرنا من الدول، رغم الاختلاف الجذري بين ظروف البحرين وبين ظروف الدول العربية التي انطلقت فيها الاحتجاجات.

لا أدري أي ملفات عالقة بين العائلة الحاكمة وبين شعب البحرين تلك التي يتحدث عنها نبيل رجب، وما هي “أسوأ الاحتمالات” التي يهدد بها إن لم يتم الاستجابة لمطالبه؟ هل يريد هو ومن معه جر البحرين إلى الفوضى مستغلين الظروف التي تمر بها الأمة في الوقت الحالي؟
إن الذي يدعو لحل جهاز الأمن الوطني ويطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين بلا استثناء، هو إنسان لا يشغله أمن الوطن، ولا استقراره لأنه يريد فتح كل الأبواب أمام الإرهابيين والخونة للنيل من بلده.

“زبدة القول”:
أخشى أن يقوم الأخ رجب وأعوانه برفع سقف مطالبهم مع مرور الوقت ويطالبون بإلغاء مجلس التعاون الخليجي!