+A
A-

اقتصاديون لـ“البلاد”: اكتشاف أكبر حقل نفطي سيؤدي لانفراجة في ميزانية البحرين

اعتبر اقتصاديون أن اكتشاف أكبر حقل نفط في تاريخ البحرين يعد جيدًا لاقتصاد المملكة، وجاء في التوقيت المناسب.

وأضافوا لـ “البلاد” أن هذا الاكتشاف سيؤدي إلى زيادة إيرادات الدولة، ووقف العجز بالميزانية، وسيمكن الدولة ماليًا، وقدرتها على تمويل المشاريع والمصاريف وتسديد الدين العام أكثر، وهذا يعني نقلة في الاقتصاد خصوصًا في الإيرادات.

وكان قد أُعلن أمس عن أكبر اكتشاف في تاريخ المملكة، وهو اكتشاف مورد كبير من النفط الصخري الخفيف تقدر كمياته بأضعاف حقل البحرين، إضافة إلى اكتشاف كميات كبيرة من الغاز العميق.

ويعتبر هذا الاكتشاف أول اكتشاف منذ العام 1932 عندما تم تدشين أول بئر للنفط في البحرين؛ ليسجل بذلك امتدادًا لمسيرة الخير والبناء التي تميزت بتوظيف موارد النفط لصالح التنمية والتطوير بالمملكة.

وسيساهم تطوير هذا الحقل الجديد في رفد قدرات البلاد التنافسية ومواصلة تنفيذ مشاريع ومبادرات التنمية وكذلك الوفاء بالتزاماتها مع الدول الشقيقة والأسواق المالية العالمية.

ووفقًا لمصادر مطلعة، حولت عمليات التنقيب بالكامل من شركة نفط البحرين “بابكو” إلى شركة تطوير للبترول في شهر يوليو 2017.

وقال المحلل الاقتصادي الرئيس السابق جمعية الاقتصاديين البحرينية جعفر الصائغ إن أكبر اكتشاف للنفط في البحرين يعد خبرًا جيدًا لاقتصاد المملكة، معتبرا أن الاكتشاف جاء في الوقت المناسب لما يمر به الاقتصاد البحريني حاليًا، ولذا نحن في أمس الحاجة لزيادة الإيرادات؛ لأننا نمر بعجز مستمر منذ سنوات مما أدى ارتفاع غير مسبوق في الدين العام وهذا كله أدى إلى ركود اقتصادي، وتفاقم في الدين العام، وهذا كله ما يمكن أن يحركه الاكتشاف النفطي من زيادة السيولة.

وأشار إلى أن الاكتشاف سيمثل زيادة في إيرادات الدولة، وسيؤدي إلى وقف العجز، وبالتالي وقف الدين العام، وسيمكن الدولة ماليًا، وقدرتها على تمويل المشاريع والمصاريف وتسديد الدين العام أكثر، وهذا يعني نقلة في الاقتصاد خصوصًا في الإيرادات.

وأضاف “الأمر الآخر نأمل أن يكون استخراج هذا النفط بتكاليف منخفضة؛ لأن النفط الصخري يتم استخراجه بتكاليف باهظة، وحتى الآن لم نعرف التفاصيل عنه، لكننا نأمل كلفة منخفضة جدًا له لنتمكن من مضاعفة الأرباح والعوائد الاقتصادية”.

وأكد الصائغ أن الاكتشاف يمثل قفزة نوعية لتعزيز الثقة واستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات (...) واعتقد أن تحسن السيولة في الاقتصاد سيساعد الدولة في القطاع العام على التوظيف وضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد ودعم القطاع الخاص، وزيادة الحركة الاقتصادية والنشاط الاقتصادي عمومًا (...) وسيكون بمثابة استعادة الروح للاقتصاد البحريني الذي يعاني منذ سنوات بسبب تدني أسعار النفط، متوقعا أن يتم التعاقد مع شركات أجنبية للقيام بعمليات التنقيب عن النفط وإنتاجه، إذ تعتمد النسبة المتوقعة لمنح حق الامتياز على التفاوض بين الدولة والشركة، كما تعتمد على الاتفاق المبدئي الذي تم بين الجهتين، لافتًا إلى أن شركات التنقيب في المجمل تأخذ نسب كبيرة للقيام بعمليات التنقيب تتراوح ما بين 20 و30 %، وهذا كله يعتمد على قوة الشركة في عمليات التفاوض مع الدولة، وحسب بنود الاتفاقية الموقعة بين الطرفين (...) أملًا أن تكون الاتفاقية في صالح المملكة.

بدوره، توقع المحلل الاقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة جافكون للاستشارات أكبر جعفري، أن يكون لأكبر اكتشاف للنفط تأثير على الاقتصاد بحجم غير طبيعي جدًا، وتوقيت الإعلان عنه مناسب؛ لأن الوضع المالي للحكومة كان تحت الضغط، فالإعلان عن الاكتشاف سيأتي بانفراجة جيدة، وحجم الاقتصاد سيتضاعف مرات عدة خلال السنوات الخمس المقبلة.

وبين أنه لا توجد إلى الآن معلومات فنية عن الاكتشاف النفطي الكبير، وأعلن وزير النفط أنه سيدلي بكل المعلومات الفنية والمالية والاقتصادية في مؤتمر صحافي قريبًا.

وبخصوص حصة شركات تنقيب النفط، أوضح جعفري: لحد الآن لا توجد معلومات بهذا الخصوص أيضا، إلا أنه يعتمد من منطقة إلى أخرى، ربما تكون التكاليف أقل فتكون حصة الشركات الاستكشافية أقل كما أظن، (...) لأن كلفة التنقيب تختلف من بئر إلى آخر وهذا الأمر ينطبق كذلك على البحرين، لكن بالتأكيد ستكون نسبة قليلة ومعقولة لكنها لفترة طويلة قد تصل إلى 20 أو 50 سنة، وهذا سيحفز شركات التنقيب، مشيرا إلى أن تكلفة إنتاج البرميل في أميركا تصل إلى 60 دولارًا، أما في الخليج فتصل إلى 4 دولارات، وبحسبها يتم الاتفاق على نسب للشراكة، وهنالك بعض الآبار في الخليج مكلفة (...) والنفط الصخري كلفته أعلى؛ لأنه عبارة عن أكياس نفطية بين صخر وآخر.

وبين جعفري أن المشكلة ليست في سعر النفط، وإنما اعتماد الميزانيات الحكومية على سعر برميل النفط، وقدرت حكومة البحرين ميزانية العامين 2017 و2018 عند سعر 120 دولارًا.

ولفت جعفري إلى أن الاقتصاد سيكون على مشارف انطلاقة تنموية لم نكن نتوقعها، وسيكون لها تبعات على القطاعات الأخرى وبالذات الصناعات الهندسية والمواصلات والصناعات التحويلية والخدمات، وبعد ذلك هناك انتشار تسلسلي إلى القطاع التجاري والتجزئة والسياحة وما إلى ذلك.

وأكد أن الحكومة ستكون في وضع مريح مما هو عليه الآن، كما أن الدين العام سوف يزاح لأنه سيكون هناك دخل أعلى للحكومة، وبالتالي بإمكان الحكومة إعادة قيمة الدين العام، بعد ذلك لن تحتاج إلى دين، فالمبالغ التي ستدخل إلى ميزانيتها ستكون كبيرة وتسد احتياجات الإنفاق العام.

وأضاف: هناك أهمية لاستمرار سياسة إرشاد الإنفاق والضرائب، وعدم العودة إلى النمط الاستهلاكي القديم، محذرًا من العودة إلى النمط القديم في الإنفاق الذي أدخلنا في نفق مظلم خلال 4 سنوات؛ لتحاشي الضغوط المالية.

وأشار إلى أنه سيكون هناك رخاء نسبي، داعيًا لادخار الأموال وتوظيفها في الاستثمارات ذات الدخل العالي والدخل المستمر.

ورأى رجل الأعمال، رئيس الشركة المتحدة لصيانة آبار النفط، كاظم السعيد، أن اكتشاف النفط سيساهم في زيادة موارد المملكة (...) وهذا الاستكشاف بلا شك سينعكس على جميع القطاعات الاقتصادية وفي تنفيذ كثير من المشاريع الكبيرة ووضع المملكة ضمن الدول المتقدمة.

واعتبر أن هذا الاكتشاف يعتبر فرصة سانحة للقطاع الخاص ورجال الأعمال لاغتنامها والعمل يدًا بيد مع الحكومة في سبيل الاستفادة القصوى منه وتنفيذ مشاريع كبيرة في هذا المجال، ولاشك سيترتب عليه إيجاد فرص عمل كثيرة للبحرينيين.

إلى ذلك، كشف رئيس مجلس إدارة مجموعة بروموسيفن القابضة، أكرم مكناس، في بيان تلقت “البلاد” نسخة منه، أن أسواق المال والأعمال في المنطقة والعالم تلقت باهتمام كبير إعلان البحرين عن اكتشاف مورد كبير من النفط الصخري الخفيف تقدر كمياته بأضعاف حقل البحرين. وقال إنه ما إن جرى الإعلان عن هذا الاكتشاف حتى أخذ مستثمرون، أفرادا ومؤسسات، في إبداء اهتمام أكبر بالدخول في استثماراتهم إلى البحرين أو التوسع باستثماراتهم القائمة هنا.

وأكد مكناس ثقة المستثمرين والأسواق العالمية بقدرة القيادة الحكيمة في البحرين على إدارة عمليات هذا الاكتشاف النفطي والغازي بأقصى فعالية ممكنة، من ناحية التعاقد مع شركات عالمية للاستخراج والتسويق، وصولا إلى استثمار العواد المالية المرتقبة في عمليات التنمية ومشاريع البنية التحية، لافتا إلى أن البحرين تتميز بكوادرها الوطنية الخبيرة والمدربة القادرة على توظيف نفسها في الأعمال اللازمة لإدارة واستثمار هذا الاكتشاف بشكل مباشر، أو تلك الأعمال والمؤسسات التي ستنتج عن الطفرة الاقتصادية المرتقبة.

وخص بالذكر أهمية هذا الاكتشاف النفطي والغازي في تحسين التصنيف الائتماني لديون البحرين السيادية، مؤكدا “يمثل عنصرا الملاءة المالية للدولة وثقة المستثمرين بها ركنين أساسين في تصنيفها الائتماني، ونحن نتوقع أن يشهد هذان المؤشران تحسنا كبيرا بعد الإعلان عن هذا الاكتشاف النفطي وبدء تدفق عوائده إلى خزينة الدولة”.

ووفق مشروع قانون الميزانية الذي وافق عليه مجلس الوزراء فقد بلغت الإيرادات المالية المقدرة في العام المالي 2017 نحو 2.2 مليار دينار منها 1.7 مليار دينار إيرادات نفطية وحوالي 500 مليون دينار إيرادات غير نفطية، أما المصروفات العامة فقد قدرت بنحو 3.5 مليار دينار.

وفيما يختص بالسنة المالية 2018 فقد قدرت الإيرادات العامة بنحو 2.3 مليار دينار منها 1.8 مليار دينار إيرادات نفطية وحوالي 560 مليون دينار إيرادات غير نفطية، أما المصروفات العامة فقد قدرت بنحو 3.5 مليار دينار.

علمًا أن الإيرادات قدرت على أساس أن أسعار بيع النفط بقيمة 55 دولارًا للبرميل، فيما قدرت مصروفات المشاريع للسنتين الماليتين 2017 - 2018 بمبلغ 350 مليون دينار لكل سنة مالية.

ويبلغ تقدير العجز في الميزانية العامة بحوالي 1.3 مليار دينار في العام 2017 و1.2 مليار دينار في العام 2018.

واعتبرت الميزانية إنتاج حقل البحرين من النفط 47 ألف برميل يوميًّا للسنة المالية 2017 و45.6 ألف برميل يوميًّا للسنة المالية 2018، وإنتاج حقل أبو سعفة عند 150 ألف برميل يوميًّا لكل من السنتين الماليتين 2017 و2018.