العدد 864
الجمعة 25 فبراير 2011
banner
ما هي الخطوة القادمة؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 25 فبراير 2011

الآن وقد وضعت الأطراف المختلفة قوتها على الأرض وأعلنت عن وجودها وقال كل كلمته أمام العالم وبصوت واضح ، بعد كل ذلك وبعد كل الأحداث التي عاشتها المملكة طوال الأسبوع الماضي والأسبوع الحالي يأتي بعد كل ذلك السؤال المهم والكبير وهو “ ما هي الخطوة القادمة أو ما العمل ؟ “ .
في محاولة القراءة وبصورة سريعة قد يجد المشاهد والقارئ أن هناك نوعاً من التضارب في المواقف واختلاف في الرؤى وقد يعتقد بوجود تناقض في المطالب ، إلا أن المتمعن في الأقوال المحتلفة لا بد أن يرى أن الكل مجتمع على رأي واحد وأن التناقض والاختلاف غير موجود وأن الكل يسير على خط واحد ولكن كل طرف ربما لا يرى الآخر أو انه يغض الطرف عن رؤيته .
من هنا نجد أنه من الضروري أن يفتح كل طرف أعينه على مصراعيها ليرى ما حوله ويتحسس الآخر ليجد أنهما موجودان على نفس الخط ويسيران في نفس الاتجاه وأن التجاهل لن يؤدي إلى نتيجة بل أنه سيزيد الطين بلة .
لعدة سنوات لم يكن هناك غير طرف واحد يتحدث ويفعل ويمارس دوره الذي ارتضاه علنا ، أما الطرف الآخر فقد آثر طوال تلك السنوات الصمت والمشاهدة فقط ولم يمارس أي دور فاعل ربما لأنه اعتقد بأن ممارسته لدوره قد تشق الصف وتزيد من اشتعال النار المشتعلة أصلا ، إلا أنه وبعد أن رأى أن تطور الأحداث يسير في غير ما يريد أو يرتضي وأن الأمور قد تخرج عن السيطرة والمنطق قرر أن دوره قد حان ليضع الأمور في نصابها الواقعي والصحيح مما أوجد معادلة مختلفة عما كانت عليه واختلفت بالتالي الحسابات من هنا يمكن القول بأن ما يجري على الساحة الآن إما أن يؤدي إلى ما يطلق عليه صراع القوة بين طرفين رئيسيين يعمل كل طرف على إثبات قوته ووجوده ويحاول كسر إرادة الطرف الآخر وعزله وتحجيمه وهذا المسار سيؤدي حتما إلى إشعال الساحة الوطنية وضياع الأهداف التي يعمل عليها الجميع وتأخير أو إعدام خيار التطوير الذي بدأ العام 2001 بالتصويت على الميثاق الوطني ، وإما أن يفهم كل طرف الطرف الآخر ويقر بوجوده ويقترب منه ويتحاور معه ويطفئ بذلك النار المشتعلة ويتوافق معه على المستقبل الذي يرتضيه الجميع ويخدم الجميع ويستفيد منه المجتمع بكل ألوانه ومكوناته وهو الموقف الذي يجب أن يكون والذي تكمن فيه مصلحة المملكة حاليا ومستقبلا .
الوضع المحلي والإقليمي يتطلب أن يكون الخيار الثاني هو الخيار الأمثل والمطلوب لمعالجة الوضع الذي وصلت إليه البلاد أما التعنت ومحاولة كسر العظم فلن تجدي نفعا ولن تخدم البلاد والعباد وهو ما يعني أن جلوس الطرفين على طاولة واحدة وبقلوب مفتوحة وبأجندة واحدة لا تحمل بين طياتها غير المصلحة الوطنية العليا هو الحل الوحيد والممكن في الوقت الراهن وإذا رفض أي فصيل هذا الموقف وأصر على ما هو عليه فإنه بذلك ينفي وجوده ذاته ويدفع بالجميع بعد ذلك إلى نبذه من الساحة وتقليص دوره الذي سيتقلص حتما من تلقاء ذاته .
الغلو في المطالب والتعنت في المواقف لن يفيد صاحبه وفي نفس الوقت فإن الخضوع وتجاهل الحقائق على أرض الواقع لن يفيد صاحبه كذلك ، والاثنان معا لن يحملا الفائدة للأرض والإنسان .
ربما يرى الجميع أنه حتى وسائل الإعلام الخارجية أصابها الاصطفاف والفرز النابع من واقع يعيشه المجتمع البحريني وأصبحت تلك الوسائل تغذي الجانب التفريقي ولا تخدم المستقبل الوطني ، وهو ما يعني أن المواقف الإقليمية القريبة من الساحة المحلية دخلت على الخط بصورة مباشرة أو غير مباشرة مما  يستدعي أن تستنفر القوى المحبة لخير هذا الوطن قواها لتبعد هذه الأرض عن أن تتحول إلى لبنان آخر يكون فيه القرار من خارج الوطن وربما في غير صالح هذا الوطن .
الوقت يمر بسرعة والأحداث تتوالى والنار الكامنة تحت الرماد قد يخرجها حدث عارض في أي وقت وساعتها سيكون الأوان قد فات وستكون الخسائر أكثر من قدرة الوطن على تحملها حتى لو حدث الحل بعد ذلك فإن هذا الحل سيكون باهض الثمن وهو ما لا نرجوه ولا نرتضيه .

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية