العدد 2118
السبت 02 أغسطس 2014
banner
مخاض الأندلس العسير أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
السبت 02 أغسطس 2014

يبدو أن المؤامرة التي حيكت منذ سنوات للأمة بدأت تؤتي أكلها مؤخرا وبدأت تتضح ملامحها لمن لم يكن مؤمنا بوجودها من الأساس، وأشد هذه الملامح هو الموقف العربي مما يحدث في غزة الذي كان أشد الأنظمة العربية تخلفا وقربا من إسرائيل في السابق، كان على أقل تقدير يندد بالعدوان الصهيوني، أما اليوم فالكل صامت وغير مبال وكأن الأمر لا يعنيه أو أنه غير مهتم برد الفعل في الشارع الذي هو الآخر أصابه الصمت كغيره، فالشارع كذلك منشغل بمتابعة الكثير من جوانب المؤامرة على الأمة في سوريا وليبيا والعراق وغيرها من المناطق العربية الساخنة وكأن ساحتنا العربية استعارت السخونة والحروب من المناطق الأخرى في العالم ورَكَّزَتْهَا عندنا.
يريدوننا أمة غائبة عن الوعي نائمة مخدرة ممزقة منشغلة بأمور بعيدة عن الإنسان العربي ومستقبله، وحتى الآن هم في طريقهم لتحقيق ما يريدون وما خططوا له أو هم يظنون ذلك، فما رسموه ووضعوا خطوطه العامة يسير كما أرادوا حتى وإن أدخلوا عليه التعديلات الضرورية، تعينهم على ذلك أيد من أبناء الأمة ذاتها تحمل عقولا متحجرة لا تفكر وربما لا تريد التفكير ولا الفهم الناتج عن ذلك التفكير.
في الأندلس وحسب التاريخ وبعد أن بلغت الدولة أوج التطور حينها وبعد أكثر من سبعة قرون مستقرة للدولة الإسلامية هناك، بعد كل ذلك نسي من كان بها ومن يملك الأمر حينها، جميعهم نسوا انتماءهم الديني والقومي وتذكروا ذواتهم فقط فتحالفوا مع عدوهم على بني جلدتهم وأهلهم فهدموا ما بناه الأجداد المؤسسون وساهموا ليس في الهدم فقط بل في الإزالة وضاعت دولة إسلامية كانت يمكن أن تغير تاريخنا المعاصر، والآن تتكرر المأساة حين يتحالف بعض أبناء الأمة مع أعدائها على أهلهم وبني جلدتهم ليس حبا في الأمة ولا دينها ولا عروبتها بل من أجل ذواتهم ظنا منهم أن ذلك يطيل أمد بقائهم كما ظن السابقون وهي ظنون بعيدة عن الواقع والتاريخ والمنطق، لذلك نرى أجزاء من بلاد العرب تتساقط في أيدي أعدائها حتى لو لم تزل حتى الآن.
في العراق تحالف بعض أبناء الأمة مع أعدائها على بعضهم البعض وبدأ العراق طريقه في الزوال والتقطيع بيد أبنائه ودخلوا جميعا في صراع لا نعلم متى ينتهي وكيف سينتهي وكيف سيكون حال هذا البلد العربي بعد تلك النهاية، إلا أن ما نراه أنه لن يعود كما كان، وفي ليبيا الوضع مماثل وليس بعيدا عن ذلك، فالقتال بين أبناء الأمة على مصالح ذاتية مستعر هناك والكل يترقب وأبناء الأمة الآخرين يغذون الصراع بدلا من وأده من أجل ليبيا وشعبها.
كنا نتمنى أن يكون الصراع في وطننا من أجل الوطن والأمة حتى لو كان بين أبناء الأمة ذاتها، لأنه في هذه الحالة سينتهي بفائدة لهذه الأمة وليس لأعدائها ولكنه للأسف الشديد ليس كذلك لأن الأطراف جميعها تختزل الأمة في ذاتها.
لقد تبدلت الأولويات والاهتمامات عند بعض المنتمين لهذه الأمة المنكوبة ببعض أبنائها حين تم إدخال الفكر الديني غير الصحيح في الصراع، مع أن الدين في حقيقته وجوهره بعيد عن كل ذلك، ولكن التحريف وعدم الفهم الصحيح لهذا الدين الحنيف وجوهره من قبل البعض أساء للدين قبل غيره وأساء للأمة التي تحمل لواء هذا الدين الذي يستغله الكثيرون من أجل مصالحهم الذاتية ويستغل الغرب بعض أبنائه لتحقيق مصالحه الضارة بهذه الأمة.
ربما يكون السادات هو من بدأ استغلال الدين في عصرنا الحالي ووضع بذور الحروب التي نعيشها اليوم عندما عمل على استغلال الدين لهدم صورة من كان قبله، وما نعيشه اليوم ربما يكون من بعض نتائج ما بدأه في بداية السبعينات... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .