العدد 2117
الجمعة 01 أغسطس 2014
banner
قوة عدوي في ضعفي أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 01 أغسطس 2014

هي ليست معادلة أو نظرية أو حكمة بالغة لكنها بديهة لا تحتاج إلى ذكاء أو قدرة خاصة لمعرفتها وفهمها، فكلما وهنت قوتي زادت قوة عدوي، فهي علاقة تناسب معكوسة، حيث إن علاقة القوة بين أي طرفين متخاصمين هي علاقة نسبية بالأساس وليست مطلقة، فلا توجد قوة مطلقة عند البشر، وعندما يوجد خصمان أو عدوان فهناك طرف أقوى من طرف وليس طرفا قويا وآخر غير قوي بصورة كاملة، وكلما قلت قوة طرف من الطرفين زادت قوة الطرف الآخر، وهذا هو حالنا مع عدونا الصهيوني الذي يعتقده الكثيرون أقوى من الأمة العربية مع أن الحقيقة أن الأمة العربية أضعفت ذاتها وقَوَّةْ عدوها... هذه هي الحقيقة التي يجب ألا تغيب عنا، مما يعني أننا حين نستخدم قوانا بالصورة الصحيحة وننزع الخوف من قلوبنا، ليس من العدو الصهيوني فقط ولكن من جميع من يعادينا، عندها يكون عدونا ضعيفا واهن القوى غير قادر على فعل ما يريد.
لن نغوص في أعماق المجتمع العربي لنحدد مكامن الضعف فيه بل يكفي أن ننظر إلى السطح فقط لنحدد عناصر الضعف التي بها تزداد قوة العدو والتي تنحصر فقط في مصدر القرار العربي ومصدر القرار الصهيوني، فمصدر القرار الصهيوني هو المصلحة العليا للعصابات الصهيونية التي يطلقون عليها “شعب الله المختار” ومصدر القرار العربي هو على النقيض من ذلك، فهو ينحصر في المصلحة الذاتية لصانع القرار العربي، ومصدر القرار الصهيوني نابع من اقتراب ذلك القرار من الإجماع الشعبي لتلك العصابات، أما مصدر القرار العربي فهو نابع من فرد أو أفراد ولا علاقة له لا بإجماع ولا حتى مشاركة شعبية.
أتمنى أن يعطيني قارئ واحد مصدرا عربيا للقرار مخالفا لما نقول وفي أي بلد عربي قريب من العدو أم بعيد عنه في الجغرافيا، لا يوجد مهما اتعبنا الذات في البحث والمحاولة، لذلك نحن ضعاف، فصاحب القرار حين يريد أن يتخذه فإنه يبني ذلك على مقومات أهمها المصلحة، وكون المصلحة الشعبية ومصلحة الأمة تأتي في آخر الأولويات عند الأفراد فإن القرار بالتالي يكون موافقا لتلك المصلحة الفردية التي يعتقد صانع القرار انها مرتبطة بمصلحة الأمة لأنه يختزل مصالحه في الأمة أو يختزل الأمة في ذاته ولا يستطيع التمييز بين الاثنين اللذين يختلفان في الكثير من الأحيان خلافا يصل إلى نوع من التناقض، وحين يصل الأمر إلى هذا المستوى فإنه – أي صاحب القرار - يتجاهل المصالح العليا ويميل للمصالح الدنيا، ويكون قراره بالتالي مبنيا على ذلك.
قادتنا العرب يخشون قوة العدو الصهيوني ولا يجرؤون على الاقتراب من محاربته ليس خوفا على البلاد ولكن خوفا على الذات، فالخوف على البلاد هو في الحقيقة أكبر الدوافع لمحاربة ذلك العدو حتى لو أدت الحرب في بدياتها لاحتلاله لأراض عربية جديدة، فأوروبا بكاملها تم احتلالها من قبل ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ما عدا العجوز بريطانيا، ومعظم الأراضي الروسية تم احتلالها كذلك من قبل الدولة الألمانية ولكن كون القرار هناك لم يكن فرديا ولم يكن مبنيا على رغبات القادة رأينا أن القوة الألمانية المفرطة حينها تحولت تدريجيا إلى ضعف وزوال فزال الاحتلال الألماني لجميع تلك الدول، بل تم احتلال المانيا ذاتها من قبل جميع تلك الدول.
أفراد قليلون في غزة قادرون حتى الآن على منع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه من العدوان وإيقاع خسائر في أفراده تفوق ما حققته الجيوش العربية، وهذه الجيوش المدججة بأحدث أنواع الأسلحة تقف موقف المتفرج على ما يحدث هناك وكأن الأمر لا يعنيها، مع أن الثور الأبيض أُكِلَ عندما أكِلَ الثور الأسود.
المواطن العربي في كل مكان يرفض الموقف المتخاذل من قبل النظام العربي إزاء ما يحدث – ما عدا قلة – حتى نكون صادقين، ولكنها قلة لا تقارن بحجم الرفض العربي الشعبي لذلك العدوان، ومع ذلك لا يستجيب النظام العربي لذلك الموقف بأي فعل إيجابي، هل سمعتم أن بوليفيا التي تبعد آلاف الأميال من فلسطين قد وضعت الكيان الصهيوني على قائمة الدول الإرهابية ومصر تستقبل وفدا صهيونيا... لماذا؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .