العدد 2200
الخميس 23 أكتوبر 2014
banner
كرسي وزير العدل ليس للاستهلاك الإعلامي حمد الهرمي
حمد الهرمي
ستة على ستة
الخميس 23 أكتوبر 2014

وزير العدل في أي مكان في العالم شخصية ليست للتداول أو الاستهلاك الإعلامي ولا يشترك في أية دعاية أو بروبوغاندا لأية جهة، فهو يمثل نزاهة الدولة، ورصانة القوانين وحيادها، شخصيا عشت في بريطانيا لمدة عامين تقريبا لم أجد وزير العدل أو أية شخصية مؤثرة محسوبة على وزارة العدل على صفحات الجرائد والصحف البريطانية، هناك في الصحافة اليومية أو الأسبوعية وحتى الشهرية الكثير من القانونيين والمحامين والمستشارين لكن ليس وزير العدل.
وزير العدل عندنا مع احترامي الكبير لإمكانياته المتنوعة إلا أنه ورط منصب وزير العدل في تحركات أخف من أن تكون تحركات وزير عدل، فما هو الحال ووزيرنا هو وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، لقد راقبت إجراءات الدولة الخاصة بالاستعداد لانتخابات 2014 فوجدت وزير العدل قد أخفق في خروجه المتكرر للإعلام في تصريحات مهمة أحيانا وتصريحات خفيفة أحيانا أكثر.
وجدت وزير العدل يلاحق تصريحات “المعارضة” بتصريحات، كما وجدته يتابع اللجان ومراكز الاقتراع، بأسلوب لا يتناسب سوى مع مدير الشؤون الإدارية أو مدير العلاقات العامة للوزارة المعنية بهذه المراكز، يتواجد يوميا وسط الإعلاميين والموظفين المكلفين بمهام الاقتراع دون ان يتذكر ان وزير العدل ليس وزير الأشغال وليس وزير البلديات ولا حتى وزير الإعلام المتحدث الرسمي للدولة.
هذا التحرك الخفيف الذي لا يليق بمكان وزير العدل ترك أثرا سلبيا على أداء رئيس دار الإفتاء الرئيس التنفيذي للانتخابات، حيث بدأ يجاري أسلوب الوزير فتجده كل يوم في المراكز ممسكا بيد أحد الموظفين كما يفعل الوزير، ناهيك عن تصريحه كل يوم لتصبح تصريحاته مكررة وليست ذات معنى ليلتفت لها الناس، وهذا الطرح الخفيف يؤثر بصورة مباشرة على اهمية الانتخابات لدى الناس ويعرقل تراكم خبرات القائمين عليها، ويحدث خللا في مسار العراقة للنظام الانتخابي البحريني المستجد. سؤال بسيط ومباشر للوزير ولرئيس الإفتاء، ما الذي سيتغير لو التزمتما وتابعتما المجريات عن بعد وبدون ضجيج إعلامي، واعتمدتما على شخصيات متخصصة تتولى مسؤولية التصريح، ناهيك عن منح رؤساء المراكز هيبتهم باعتبارهم أعلى سلطة موجودة في المركز؟ هل سيمنع ذلك أو يغير من حقيقة أن القرار في النهاية لكما؟ إذا لماذا أنتما في هذا المكان كل هذا الوقت، انتما لا تحتاجان إثبات أنكما تعملان بجد. هذا التحرك الإعلامي المكثف الذي قاده الوزير وسايره فيه رئيس الإفتاء جعلنا نتذكر مثلا شعبيا يطلق على من يتزايد في إجراءاته وهو “يكاد المريب ان يقول خذوني”، لا أشكك في نوايا الوزير أو رئيس الإفتاء، لكنني لا استطيع ان أغض الطرف عن هذا الأسلوب الخاطئ الذي افضى الى ان العالم حينما يرى هذا الظهور الإعلامي الكثيف والخفيف لمسؤولين بهذا الحجم، انما يشير الى ان ثمة خطأ أو خللا في الانتخابات ولجانها نحاول إخفاءه بالإعلام، اضافة الى اثارة سؤال خطير وهو ما دخل وزير العدل في الانتخابات؟ وثالثا ما علاقة رئيس الإفتاء بمركز عين عليه قاضي يمتلك الكفاءة والإمكانيات الكافية لإدارة مركزه بعدالة؟ وهذا سبب تنصيب قاض على المركز.
ألا تنتهي صلاحيات الوزراء والمسؤولين بمجرد تشكيل اللجان وفق المعايير العادلة للتعيين في هذه اللجان، فلماذا كل هذا الزخم؟ هل هذا نوع من أنواع سيطرة مراهقة المعارضة في المشاركة وعدمها على مسؤولينا وربما على الدولة.
ربما كل ما يقوم به مسؤولونا من انطلاق إعلامي وركاكة في الخطاب راجع للموضة التي ابتكرها الرئيس الأميركي وبعض المسؤولين الأميركان في تعاملهم اعلاميا مع مناصبهم حيث الإكثار من الخطابات ولبس الثياب البسيطة والاختلاط بالموظفين على هيئة متواضعة خفيفة، هذا صحيح لكن الأميركان من خلال مستشارين متخصصين عملوا عبر هذه الموضات الى تحويل أول رئيس من البشرة السوداء يحكمهم الى  ظاهرة صوتية، غير صادقة ومتناقضة وغير متأنقة، وفي المحصلة الأخيرة هذه البشرة لا تليق برئاسة اميركا لأنها شوهت سمعة الدولة العظمى والرصانة الأميركية، ناهيك عن المعركة الرئاسية التي سيستفيد خلالها حزب الجمهوريين كثيرا من السطحية التي تعامل بها الرئيس الأميركي وأتباعه من الحزب الديمقراطي.
فلنخلع ثوب الموضة الأميركة بسرعة لأننا لم نفهم جيدا اللعبة الإعلامية الخطرة التي يلعبها الأميركان، كما ان علينا ان نقوم بإجراءاتنا بعد دراسة تضع سمعة البحرين قبل الأطروحات الوهمية للعصرية والانفتاح والتواضع، و”المايكرومنجمنت” الأسلوب الإداري الذي يقف خلف كل أخطائنا.
البحرين لا تستحق من المسؤولين إهمالها حينما يفكرون في إنجاز المهام، بل ان كل المهام التي اسندت لهم ومنحوا على اثرها كل الميزات المالية والشخصية، في مقابل ان تكون أولا قبل كل اعتبار، وهذا ما يتطلب من الوزير ومن معه الوقوف قليلا، ماذا تستفيد البحرين من هذا الهدر الإعلامي خصوصا في رصانة جهاز العدالة والعدل؟ أقولها كإعلامي ومواطن ينظر للأمر بدون مجاملات أو مداهنات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية