العدد 2115
الأربعاء 30 يوليو 2014
banner
الفضائيات الخليجية... بركان من البرامج المبتذلة أسامة الماجد
أسامة الماجد
سوالف
الأربعاء 30 يوليو 2014

أكثر ما يؤسفنا في هذه المرحلة هو ابتعاد الفضائيات الخليجية عن تقديم البرامج المفيدة للطفل والناشئة ضمن الخريطة العامة للبرامج طوال العام، والاكتفاء بملء ساعات البث اليومية ببرامج ومسلسلات تافهة وقصص لا تقدم أي شيء للطفل.
الفضائيات الخليجية ابتعدت كثيرا عن التربية وتقديم المعلومات المفيدة إلى أطفالنا واكتفت بالقشور والبرامج المعلبة الضعيفة وتلك المليئة بالعنف والسلبيات والإجرام وهذا منعطف خطير وللأسف بدأنا نحصد ثماره، حيث لم يعد أطفالنا يستمتعون بالقصص التي تقدم لهم بقدر ما يستمتعون بالحركات الإجرامية والعنف الذي يقلدونه!
يقول وليور شرام في دراسته عن التلفزيون وأثره في حياة الأطفال: “إننا حين نذكر شيئا عن أثر التلفزيون على الأطفال فإننا في الواقع نستعمل عبارات ذات حدين أحدهما يتعلق بالأطفال والآخر بالتلفزيون، وعلى سبيل المثال اذا قلنا عن احد البرامج إنه ممتع، فإننا نقصد ان ذلك البرنامج ينطوي على ميزة خاصة يستجيب لها الأطفال بطريقة ما ونطلق عليها صفة الإمتاع. ولو قلنا إن ذلك البرنامج يبعث الرعب في النفس فإننا نعني بذلك ان بعض الخواص تثير في الأطفال انفعالا آخر هو الخوف. وقد نظن من استعمال كلمة أثر أن التلفزيون هو المؤثر والطفل هو الذي يقع عليه الأثر، اي الطفل يأخذ الجانب السلبي ويكون الضحية بينما يكون للتلفزيون الأثر الايجابي كأنما هو المعتدي على الطفل”.
الفضائيات الخليجية انحدرت بذوق أطفالنا وأكسبتهم صورا مختلفة من العنف ويمكننا القول إنها لعبت دورا كبيرا في التراجع الدراسي عند البعض ومن غير المعقول أن المسؤولين عن الإعلام لا يدركون لغاية اللحظة ان الفرد يتأثر بواقع 80 الى 90 في المئة من وسائل الإعلام وبالأخص الاطفال الذين أصبحوا يتعلمون مسائل أكبر من سنهم عند مشاهدة المسلسلات الخليجية التي ضربت الرقم القياسي في التكرار الممل وتجرأت كثيرا وأصبحت تناقش مواضيع محضورة مثل زنا المحارم وهي سابقة لم نشهد لها مثيلا من قبل.
اعود الى قضية الأطفال وهي ما يهمنا، فجل البرامج التي يشاهدها الطفل برامج مبتذلة وسطحية ولا تمت الى عاداتنا وتقاليدنا بصلة، وتكثر بها الألفاظ الخادشة للحياء. نشعر وكأن الطفل الخليجي أمام بركان من البرامج الهدامة البعيدة عن التربية والخلق. برامج تشد الطفل وتتفنن في اغرائه بصور منحطة وشخصيات كارتونية تشجع على مشاعر الكراهية والنفور وترسخ في ذهنه وعقله الصغير أفكارا ومعتقدات خاطئة، وما يزيد الطين بلة محاولة الطفل تقليد تلك الشخصيات وترجمة سلوكها الخاطئ في المنزل امام اسرته، او في المدرسة، وهذا هو اخطر الجوانب في هذه المسألة.
ان الدور الذي يرسمه الإعلام الخليجي لأطفالنا غير صحيح وأمامه مسؤولية كبيرة وبالغة لتصحيح الوضع واكتشاف الأخطاء والسلبيات ثم تحديد مسار آخر غير المسار الحالي الذي أثر كثيرا على سلوكيات الطفل الخليجي بشكل أو بآخر. يجب أن تكون برامج الأطفال تشجع على نمو شخصية الطفل وتفيده بالخبرات وتشبع رغباته بقصص وأفكار هادفة ومفيدة من محيط بيئتنا وعاداتنا وتفيده سلوكيا وتعليميا. يجب ان تكون البرامج التي تقدم الى الطفل مليئة بالمفاهيم الصحيحة والتوجيه والإرشاد والخصال الحميدة.
في اعتقادي إن المسألة مرتبطة اساسا بوعي المسؤولين ثم الأسرة، بمعنى ان المسؤولين لم ينجحوا في تنمية ذوق الطفل الخليجي في وسائل الاعلام إلا فيما ندر وابتعدوا عن برامج الاطفال وتطويرها بالشكل الذي يتناسب وروح العصر وصرفوا الميزانيات الضخمة التي تأتيهم من خزينة الدولة على برامج غير مفيدة علاوة على اعمال درامية تنافي اخلاقنا وعاداتنا، اما الأسرة فهي الأكثر خطأء في هذا الجانب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .