العدد 2115
الأربعاء 30 يوليو 2014
banner
عسكرة الثورات وورطة التسلح... بدائل الغرائز البدائية (2) خالص جلبي
خالص جلبي
الأربعاء 30 يوليو 2014

أنا أميل إلى المحتوى الأخلاقي للثورة، وأن القتل نجس يجب أن يعف عنه الثوار، ومن قتل خسر روحه فالروح من أمر ربي هو يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها.
هنا لم تعد ثورة بل “اقتتال” وهو يعني «التسلح» الذي يعني بدوره “التمويل” و “دخول دول” على الخط، ومعها «برامجها الخاصة»، التي لا تعني بالضرورة أنها في مصلحة الشعب السوري، في حرب عالمية بالوكالة، يدفع ثمنها السوريون بالدرجة الأولى دما ودموعا وجثثا ودمارا.
وحسب المنشق حازم نهار فهو يرى أن برج بابل من الأصوات المتناقضة والمتنافسة يودي بالجميع وأن الوضع بات كما أراد النظام «معارضة مفككة ومنقسمة على مسائل لا أساس لها في الواقع» وخلف كل هذا آفتان تصحر المجتمع السوري لنصف قرن وآفة التسلح والاحتراب.
وحسب «أرون لوند Aron Lund» فهناك أربعة أمور يجب وضعها في الحسبان:
الحاجة إلى سياسيين لملء الفراغ في حال السقوط المفاجئ لدولة المخابرات، الحاجة إلى معارضة مشروعة ومتماسكة لمنع ظهور ظاهرة لوردات الحرب، الانتباه إلى إمكانية وقوع انقلاب داخلي يطير ببشار ويبقى النظام، احتمال حل دولي يبقي الأسد الطاغية مع ترقيعات ليست ذات بال في النظام.
فأما السقوط المفاجئ للنظام كما يحدث مع المريض بالصدمة واحتشاء القلب الفجائي، ولكن المشكلة أن ليس ثمة مؤسسات مجتمع مدني تملأ الفراغ بسب التصحر الاجتماعي، الذي مارسه النظام المافيوي على امتداد نصف قرن، مثل المريض المسبوت في العناية المركزة، فإذا أفاق بدأت عليه عمليات التأهيل من نطق وتحريك مفاصل وأنابيب تغذية.
ذكرت مجلة در شبيجل الألمانية أن 1300 مليار يورو صبتها ألمانيا الغربية في مفاصل وعروق ألمانيا الشرقية، بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي بدون فائدة، ومازالت الشرقية حتى اليوم تعاني من نظام الشتازي القديم «STASI» كما هو الحال في دولة المخابرات الأسدية التي ستترك بصماتها لفترة طويلة على المجتمع السوري حتى بعد التحرر.
لنتذكر بني إسرائيل وهم يعبرون البحر ويحتفلون بالحرية، ثم يعكفون على أصنام لقوم صادفوهم في خط الحرية؛ ليقول لهم موسى إنكم قوم تجهلون أن هؤلاء متبّر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون.
نفس الشيء يقولونه عن العبيد في أميركا وكيف عاد البعض إلى القن والعبودية لعدم استعداد النفوس لجرعة الحرية الكبيرة؟
نفس الشيء حصل مع قانون «فولستد volsted» في تحريم الخمر ففشل بعد تطبيق دام 14 سنة بسبب العادات السيكولوجية المستحكمة.
أمام سوريا إذا بعد الخلاص من نظام الظلمات الأسدي رحلة طويلة لاستعادة مرونة المفاصل ونظافة العقل وطهارة الضمير؛ بل أمام الشعب السوري أن يتخلص من فريقين خطرين جدا متقابلين متواجهين.
نسختان متشابهتان.
ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.
أما بقاء النظام وترقيع معارضة تافهة ذنب للنظام كما سماها لوند «معارضة ورقة التين» تغطي عورة النظام القبيحة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية