العدد 2114
الثلاثاء 29 يوليو 2014
banner
عيدكم مبارك محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الثلاثاء 29 يوليو 2014


ما إن يطل العيد في الأفق حتى يسارع بعض الكتّاب إلى تذكيرنا ببيت المتنبيّ الشهير “عيدٌ بأيّة حالٍ عُدت يا عيدُ” هذا البيت الطافح بالكآبة والمثقل باليأس أصبح لازمة تتكرر في مناسبة الأعياد.
لكننا سنقول مرحبا بك ايّها العيد وسنكون بانتظارك.
نعم عُد لنا بابتسامتك التي تحملها حتى لو كانت خاطفة ولتكن اقامتك عندنا طويلة.
تعال رائعا وجميلاً لكي نتمكن من أن نمدّ ايدينا اليك مبتسمين ونقول لك مرحباً بك كما يليق بزائر طال انتظارنا اليه.
صحيح أنّ العيد يأتي الينا هذه الأيام فاقداً بريقه فارغا من الأمل وزيارته لنا سريعة وكأنه لا يريدنا أن نشاركه سعادته حتى اصبح كالمسافر المتعب الذي انطبعت على وجهه آثار الطريق الطويلة.
وصحيح أنّ الفرح استثنائي ويمر سريعا، لا تلبث أن تعود لأيامنا كآبتها، بيد انّ صناعة الفرح ضرورة لإضفاء السعادة في نفوسنا المرهقة.
لا أحد يجرؤ على الاقتراب من لحظة فرح أو إشعال قنديل أمل والأعياد تحولت الى ظاهرة مؤقتة وعابرة في حياة الأمة كأية ظاهرة سريعة وخاطفة.
 لماذا لم تعد لأعيادنا بهجتها التي ألفناها منذ سنوات الطفولة؟ هل نحنُ الذّين تغيرنا؟ أم انّ العيد هو من غيّر عاداته؟ وسواءً أكان العيد الذي لا يشبه نفسه أم نحنُ فإنّ الذي لا خلاف حوله أنه يمر باهتاً بلا لذّة ولا طعم كما كان أيام زمان، وحتى القبلات المتبادلة المبالغ فيها اضحت اشبه بالنفاق الاجتماعيّ الممجوج.
إنّ الفرح لا يكتمل الاّ بمشاركة الآخرين والإسلام حرص على إشاعة الفرح في نفوسهم بإدخال السرور عليهم.
 انّ بداخل كل فرد منا طاقات يجب ان نخرجها ومن القول الشائع لا تفرط في لحظات الفرح التي تمر واقتنص جمال اللحظة فإن ذهبت فلربما تتأخر عودتها مرة أخرى.  وبقدر ما تبدو صناعة الفرح سهلة حتى يخيل أنها في متناول كل فرد فإنّها بالقدر ذاته صعبة لمن بقيت أحلامهم تنتظر التنفيذ لذا فالواجب أن نعمل على إسعاد الآخرين ومضاعفة فرحتهم ومنحهم الإحساس بالسعادة والفرح. وفي مناسبة العيد كم هو جميل أن نصل ارحامنا وحتى من قطعونا مصداقاً لقول رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله “لا يدخل الجنة قاطع رحم”.
العيد ذكرى تتجدد عاما بعد عام لذا فإنه فرصة يجب اقتناصها لغسل القلوب مما شابها طوال العام من الأحقاد وما ترسب فيها من الضغائن كفرصة للتسامح والتصافح مع بعضنا البعض لكي ننشر الحب والوئام وتذوب الخلافات.
الملاحظ أنّ الواقع لا يسهم في صناعة معادلة الفرح بالقدر الذي نتمناه، فالبرامج في هذه المناسبة نمطيّة ورتيبة الى أبعد الحدود فلا تجديد ولا إبداع يلبي الرغبات ويبعث على البهجة. لذا لم يعد مستغرباً ان يكون خيار الأكثرين هو البقاء أمام شاشة التلفزيون ومحاولة تبديد الوقت والاستمتاع بما يعرض من أعمال كوميدية هي في أغلب الأحيان مكررة للمرة العاشرة مفضلين ايّاها على الخروج للمنتزهات والازدحامات. أما البعض الآخر ممن فضلوا التفرّج على ما يعرض من مسرحيات أعدت لأيام العيد فإنها خالية من أية قيمة فنية أو هدف انّها عبارة عن وصلات من النكات الفاقدة لاي مضمون فنيّ. وكل عام وأنتم بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية