العدد 2116
الخميس 31 يوليو 2014
banner
تقرير التنمية البشرية عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الخميس 31 يوليو 2014

تصدر هيئة الأمم المتحدة تقرير التنمية البشرية في كل عام، وهو يُقيَّم مجهودات التنمية البشرية في كل دولة بين (1) جيد جدًا، و(0) انعدام التنمية البشرية. وأصدر التقرير في عام 1991م وأعده عالم الاقتصاد الباكستاني محبوب الحق الذي أكد أن “التنمية البشرية لا تؤدي مَهامها دون أن يكون هناك نموًا اقتصاديًا مصاحبًا”. والتنمية البشرية هي “عملية توسيع القدرات التعليمية والخبرات للشعوب”، والهدف منها أن يصل الإنسان بمجهوده إلى مستوى مرتفع من الإنتاج والدخل، متمتعًا بالصحة وبتعليم جيد مما يساعد على تنمية قدراته الإنسانية وزيادة خبراته وتوظيفها في جميع الميادين. كما سعى تقرير التنمية البشرية إلى جانب تعميق الديمقراطية والعمل الجماعي، ومراعاة حصول الأقليات العرقية والمهاجرين على حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع. ويشير مؤشر التنمية في أية دولة إلى حالة التنمية فيها، فالتنمية توضح الفارق بين الدخل ورفاهية الإنسان من خلال قياس معدل الإنجازات في مجالات الصحة والتعليم والدخل والمساواة.
وصدر تقرير التنمية البشرية لعام 2014م تحت عنوان “المضي في التقدم بناء المنعة لدرء المخاطر”، ويعرض التقرير قيم وترتيبات مؤشر التنمية البشرية للعام 2014م (HDI) لـ (187) دولة ومنطقة معترفًا بها من قبل الأمم المتحدة، إضافة إلى مؤشر التنمية البشرية المراعي للتفاوت بين الجنسين المعدل لـ (145) دولة، واحتلت مملكة البحرين الترتيب (44).
وقالت مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هلن كلارك “بدرء المخاطر تصبح للجميع حصة من التقدم في التنمية، وتصبح التنمية البشرية أكثر إنصافًا واستدامة”. وتوزعت مراتب الأقطار العربية بين المتوسطة والمرتفعة جدًا والمتأخرة، وذكر التقرير أن “المخاطر التي تواجه المنطقة العربية من نزاع وبطالة في صفوف الشباب وعدم المساواة إذا ما بقيت من غير معالجة يمكن أن تعطل مسيرة التنمية البشرية اليوم وفي المستقبل”. إضافة إلى أضرار نزاعات الحروب التي خلفت أعدادًا غير قليلة من النازحين واللاجئين الذين باتوا يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية وصحية قاسية. ويشير التقرير إلى مستويات التعليم والصحة والدخل والفقر الذي يعتبر التحدي الأكبر الذي يواجه أكثرية بلدان العالم ويبلغ تعدادهم (1.5) مليار شخص في (91) بلدًا، وتناول التقرير موضع التعرض للمخاطر الناجم عن التمييز وقصور المؤسسات التي تسبب بأكبر الأضرار للنساء والنازحين، ويعتبر النساء والأطفال الأكثر تضررًا في الصراعات والحروب.
وتكمن أهمية تقرير التنمية البشرية لعام 2014م في أن عام 2015م هو عام انتهاء المهلة المحددة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. ورصد التقرير تراجعا لدى الدول في عناصر التنمية البشرية الثلاثة، فقد تراجع (نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي، معدلات نمو متوسط العمر المتوقع عند الولادة ومعدلات التحسن في متوسط سنوات الدراسة المتوقعة)، ولصد هذا التراجع أو التخفيف منه يتطلب التحسين وزيادة في الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. وهذا الاستثمار سيعمل على زيادة معدل الدخل القومي للفرد وتحسين المستوى التعليمي والصحي الذي سيساهم في خفض معدل وفيات الأمهات والأطفال مما سَيُحسِن من نوعية الحياة ويؤدي إلى الارتقاء بالتنمية البشرية.
نتمنى أن يكون هذا التقرير صادقًا ونزيهًا عندما يقول إن التنمية البشرية في المنطقة العربية ـ مع ما تعانيه من صراعات وحروب وتدخل إقليمي وغربي في شؤونها ـ في تحسن على الرغم من التحديات التي تعوق تنميتها، ومنها الأزمات المالية، التقلبات في أسعار المواد الغذائية، الكوارث الطبيعية، والصراعات والنزاعات المسلحة وهي من أهم عوائق التنمية البشرية. ولن يكون التقدم في تنميتها البشرية منصفًا ولا مستدامًا إلا باتباع سياسات منهجية ومعايير اجتماعية فاعلة، لذا، فعلى الأقطار العربية التصدي لهذه المعوقات وتحسين ما تحقق من مكاسب لتجنب حصول تعثر في مسيرة التنمية البشرية. وهذا يتطلب اعتماد أسلوب منهجي مختلف عن السابق في كل القطاعات المادية والبشرية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .