العدد 2114
الثلاثاء 29 يوليو 2014
banner
كيف سيُعَيِّد أبناء فلسطين وسوريا؟ عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الثلاثاء 29 يوليو 2014

عيد الفطر المبارك هو أول أعياد المسلمين، وسمي بالفطر لكونه أول يوم يفطر فيه المسملون بعد صيام شهر رمضان المبارك، وأول مرة تم الاحتفال به في السنة الثانية للهجرة المباركة، وهو يوم فرح وسرور حيث يلتقي المسلمون ويتبادلون التهاني ويزورون أهاليهم وأقرباءهم وأصدقاءهم، ويعطفون فيه على الفقراء والمساكين واليتامى. ويقول ابن الأعرابي “سمي العيد عيدًا لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد”. ويكون العيد من العموم والشمول حيث يتشارك الناس جميعًا في تحقيق معاني العيد واستشعار آثارها المباركة ومعايشة أحداث العيد كلما دار الزمن وتجدد العيد على مدى الحياة.
ومِن المعاني الجليلة للعيد، تحقيق التقارب بين القلوب على الحُب والود، اجتماع الناس، وتتصافى قلوبهم قبل أن تتصافح أكفهم، وتذكير بحق الضعفاء في المجتمع بفضل “صدقة الفطر” التي توزع عليهم.
ومن المعاني اشتراك جميع المسلمين واتحادهم معًا في الفرح والسرور وهو ما يعمل على تقوية الروابط الروحية والاجتماعية والفكرية لأفراد المجتمع. ومنها لبس الملابس الجديدة في العيد لتكون رمزًا للبهجة والنظافة والنقاء والفرح والسرور.
ومن معانيه الجليلة الأخرى تتجلى فيه السلوكيات الطيبة والأخلاق الحميدة، يتصالح المتخاصمون وبقدومه تزول الأحقاد من النفوس، وإذا حل العيد تنعقد مجالس التراحم والمودة التي بها تتقوى الروابط الاجتماعية، وبين جدرانه تتجدد الروابط الإنسانية وتنمو القيم الأخلاقية، وتعلو بحضور المتعايدين قيمة التآخي والتعاون والبذل والعطاء والكرم والجود والتعاطف والتراحم بين الناس.
ومن أفضل معانيه القيام بواجب صلة الأرحام والتواصل. هذا التواصل الذي أصبح إلكترونيًا، يستخدمه الصغير قبل الكبير، هذا الجهاز الذي سلب التواصل مضمونه وأصوله ونقاءه بين الأهل والأصدقاء وأفراد المجتمع، وأدى إلى إحداث حالة من التراخي الإنساني والخمول الاجتماعي في مجال صلة الأرحام.
وبالرغم من أن الهاتف النقال ينقل صور وأصوات الناس وأقربائهم إلا أنه لا يغني عن التواصل بالحضور واللقاء.
ونحن نفرح بعيدنا فلنتذكر كيف سُيعيِد أبناء فلسطين وسوريا والعراق وليبيا؟ وأية حلويات سيتناولونها؟ وأي جديد من الملابس سيلبسون؟ وأي.. وأي.. وعتاد الحرب تعزف لحن الموت فوق رؤوسهم، والعتاة يُهَجرونهم من ديارهم، والمسلمون يَنحرون ذبائح العيد في ديارهم وهؤلاء المساكين يُنحَرون في ديارهم المحروقة والمدمرة.
 إن العيد في الإسلام يمثل بهجة وفرحة وسرورا ولا يجوز أن يكون هذا اليوم يوم حزن أو همَّ وبكاء، ولكن من أين يأتي هؤلاء بالفرحة وقد نشفت دموعهم على ما أصابهم؟ ومن أين يفرح هؤلاء المكلومين وقد فقدوا أعزاءهم وبيوتهم وديارهم وما يملكون؟ وأين يحققوا رابطة الاتصال بينهم وقد تشتتوا في الديار العربية والشرقية والغربية؟
في كل عام نتمنى أن يكون عيد هذا العام أفضل من العيد السابق، والعيد القادم أفضل من العيد الحالي، ولكن “الرياح تجري بما لا تشتهي السفن”، فأعيادنا مليئة بالأحزان كما هو تاريخ أمتنا المليء بالنكسات، وكأن الفرحة والبهجة لا تتوافق مع جنسنا البشري العربي، والأحزان لصيقة بنا كلما امتدت بنا الحياة.
نتمنى للجميع عيدًا سعيدًا، أعاده الله على قيادتنا السياسية وعلى شعبنا البحريني وعلى الأمة العربية والإسلامية بالخير والبركات.. وكل عام وجمعينا بخير وأوطاننا العربية في أمان وسلام.. آمين يا رب العالمين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية