العدد 2108
الأربعاء 23 يوليو 2014
banner
عندما تتألم فلسطين تتوجع البحرين عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الأربعاء 23 يوليو 2014

إن توجيهات عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتقديم العون والمساعدات والإغاثة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لاعتداءات صهيونية في قطاع غزة يأتي من إيمان البحرين قيادة وحكومة وشعبًا بأن الشعب الفلسطيني هو أخ شقيق للشعب البحريني، وأن الشعب الفلسطيني له الحق كل الحق في أرضه وفي الدفاع عنها بكل ما أوتي من السُبل؛ من أجل تحريرها من الصهاينة المحتلين.
وموقف البحرين ونصرتها لفلسطين ليس حديثًا، فالبحرين بالرغم من صغر حجمها الجغرافي وشعبها القليل إلا أن عطاءها لقضايا أمتها البحرين حجمه كبير، فالشعب البحريني كان متواصلاً مع الشعب الفلسطيني وقضية احتلال أرضه منذُ أن وطأت أرجل الصهاينة أرض فلسطين يحدوه في ذلك إيمانه بمبدأ وحدة المصير العربي المشترك المتمثل بوحدة الأمة العربية وبمواجهة أي عدو يعتدي على أي شبر من التراب العربي.
فقد وقف الشعب البحريني مع أشقائه الفلسطينيين، وسجلت لنا الأوراق التاريخية المحفوظة في الكتب والمدونات الشخصية للمؤرخين الكثير من هذه الوقفات التاريخية المُشرفة، فهي تذكر بأن (التبرعات الأولى من أهالي البحرين لفلسطين في عام 1924م لدعم وترميم وبناء الحرم القدسي الشريف بلغ ـ 2681 جنيها مصريا و780 مليما مصريا). وفي 5 يونيو 1939م تأسست لجنة بحرينية لإعانة أيتام فلسطين برئاسة الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة وبعضوية عدد من التجار والوجهاء والأعيان والأدباء والمثقفين، وقد استطاعت هذه اللجنة أن تجمع الكثير من التبرعات النقدية من مختلف قرى ومدن البحرين. وفي 2 ديسمبر 1947م دعت اللجنة بالتعاون مع الشخصيات الوطنية إلى تظاهرة جماهيرية حاشدة هتفت بإسقاط “الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا”؛ احتجاجًا على صدور قرار تقسيم فلسطين رقم (181) الذي صدر عن الأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1947م. ومن هذا التاريخ بدأ الشعب البحريني في دعم القضية الفلسطينية. ونقرأ أيضًا في هذه السجلات:
في 2 أكتوبر 1947م اجتمع ممثلون عن جميع النوادي في البحرين وقرروا إنشاء صندوق لدعم الشعب الفلسطيني؛ لمساعدتهم على عدم بيع أراضيهم للصهاينة.
في 3 أكتوبر 1947م، تم تنظيم احتفال “يوم فلسطين”، وأغلقت جميع المتاجر والدكاكين والأنشطة التجارية في المنامة؛ احتجاجًا على تقسيم فلسطين، وقد ألقى عدد من المواطنين كلمات في هذه الاحتفالية.
في 3 نوفمبر 1947م تم عقد اجتماع في المنامة لجمع المساعدات المالية لأبناء فلسطين برئاسة الشيخ عبدالله بن عيسى الخليفة، وتم جمع (66000) روبية.
في الأسبوع الأول من ديسمبر 1947م تم تنظيم مظاهرات واحتجاجات ضد تقسيم فلسطين أغضبت السلطات البريطانية في البحرين، وشارك فيها طلبة المدارس وعدد كبير من المواطنين.
في 11 يناير 1948م وضعت ملصقات في المنامة تدعو إلى مقاطعة اليهود والسيخ والهندوس.
في 15 يناير 1948م بعث نادي البحرين برسالة للسيد جمال الحسيني؛ لحضور حفل سينظم لاحقًا لجمع المساعدات لأبناء فلسطين.
في 23 يناير 1948م قامت أندية البحرين احتفالاً مشتركًا بمناسبة المولد النبي في مبنى نادي البحرين بالمحرق دعمًا للشعب الفلسطيني.
في 24 يناير 1948م وصل إلى البحرين (السيد جمال الحسيني) رئيس اللجنة العربية العليا لفلسطين.
بلغ مجموع ما تم جمعه من تبرعات مالية لدعم فلسطين حتى منتصف مارس 1948م (105000) روبية، تم تحويلها إلى الدينار العراقي وأرسلت إلى الرئيس السوري شكري القوئلي.
أرسلت اللجنة العربية العليا لفلسطين رسائل شكر للبحرين؛ نظير التبرعات المالية حملها إلى البحرين السيد جمال بركات، وحثت الرسائل المتبرعين على بذل المزيد منها.
في 27 مارس 1948م ترأس الشيخ عبدالله بن عيسى الخليفة اجتماعًا لعدد من التجار الكبار وطلب منهم إنشاء صندوق دعم آخر لفلسطين، وقد وعد التجار بدفع مبلغ (77000) روبية.
أرسلت لجنة دعم فلسطين البحرينية رسائل إلى حكومة الهند والمعتمد السياسي ومديري بابكو وشركات النفط والبرق واللاسلكي وعدد آخر من الشركات المحلية تدعوهم فيها لتقديم التبرعات المالية لدعم أبناء فلسطين، وطلبت منهم توزيع نسخ على موظفيها للتبرع. وقد أمرت السلطات البريطانية مديري الشركات المذكورة بتجاهل هذه الرسائل.
في شهر مايو 1948م ومع اقتراب موعد انتهاء الوصاية البريطانية على فلسطين حدثت مظاهرات في مدرسة للبنات بالمنامة، وقامت مدرسات المدرسة بالإضراب عن العمل.
رفض عدد من أعيان وتجار البحرين حضور حفل الاستقبال الذي دعا إليه قبطان حاملة الطائرات الأمريكية (رندوفا) التي وصلت إلى ميناء سترة في 19 مايو 1948م. وكتبوا رسالة إلى القبطان قالوا فيها “لن يقبلوا الدعوة من دولة اعترفت بإسرائيل”.
هذا قليل من كثير ما تم تدوينه في دفاتر وأوراق البحرين القديمة، واستمر هذا الدعم وأكثر في تاريخنا الحديث، حيث ساهم أبناء الشعب البحريني ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية المنتشرة في البلاد في دعم القضية الفلسطينية، وليس في أوقات الأزمات والمحن الفلسطينية التي لا تنتهي بل في جميع الأوقات.
فتاريخ اليوم هو امتداد للأمس، فالشعب البحريني كما هو لم يتغير ولن يتغير، وكذلك مواقفه الوطنية القومية تجاه وطنه وأمته العربية، وهي الهوية الحقيقية لأهل البحرين، فهذا الشعب وقيادته يؤمنون بأن ما يَمس أي عربي يَمسهم، ويؤلمهم ألم كل عربي. فمصيرنا العربي مشترك كما هو تاريخنا، ونصرة القضية الفلسطينية والقضايا العربية كافة هي واجبة. وقد توارث أهل البحرين حُب فلسطين من الآباء والأجداد. فاليوم كما هو بالأمس تهب القيادة السياسية ومؤسساتها والشعب البحريني أفرادًا ومؤسسات لتقديم العون والمساعدة للشعب العربي الفلسطيني في محنته التي لن تنتهي إلا بتحرير أرضه من براثن الاحتلال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية