العدد 2118
السبت 02 أغسطس 2014
banner
المتغيرات المتسارعة وتخبط الإدارة الأميركية أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
السبت 02 أغسطس 2014

اختلفت السياسة الأميركية في عهد الرئيس الحالي أوباما عن السياسة التي كانت ترتسمها في عهد الرئيس الذي سبقه جورج بوش، إلا أن هذا الاختلاف يعد اختلافاً في المنهجية مع بقاء سمة مشتركة بين الفترتين والمتمثلة بالتخبط.
منذ أيام الرئيس السابق جورج بوش، وعلى خلفية أحداث 11 سبتمبر جرت في واقع المجتمع الدولي متغيرات كثيرة أقحمت من خلالها الولايات المتحدة الأميركية نفسها في مواقف أبرزت تخبطها وعدم اقتران سياساتها التي تتبناها بمقومات موضوعية، ضاربة في ذلك عرض الحائط الكثير من المعطيات التي قد يسهم غض طرفها عنها إلى تحوير العديد من المخرجات التي قد تنجم عن هذا التفلت الذي لا يمكنني اعتباره غير مدروس، ولكن يمكن أن يصنف بأنه تخبط أثبتت معطيات الواقع تداعياته التي عكست صورته في توجهات الإدارة الأميركية.
ومما يدلل على كلامي هذا ما حصل في العراق، فقد خرجت الولايات المتحدة الأميركية من العراق منذ احتلاله وإسقاط نظام البعث فيه بعد أن قضت قواتها فيه قرابة العشر سنوات، لتسلمه بدم بارد إلى نظام الملالي في إيران، وذلك مقابل أن تستلم حصتها من خيرات العراق في وقت ارتفعت فيه معدلات الفقر في العراق بصورة لم يسبق لها مثيل، وتشرد أهلها منها، وأصبح حال العراق في هذه العشر سنوات أسوأ بكثير مما كان عليه أيام النظام السابق، وذلك في ظل قيام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يمثل نظام الملالي بتهميش السنة وتشريدهم وعدم وضع أي اعتبار لهم، وذلك حتى بلغ به الحال لأن ثارت عليه عشائر السنة من شمال العراق، وحصل ما حصل، لتعود الولايات المتحدة الأميركية بتخبطها ثانية وتعلنها حرباً على هذه العشائر باعتبارها تمثل تنظيماً إرهابياً هي التي زرعته على خلفية الصراع الدائر هناك لتبرير تدخلها العسكري على خلفية ما حصل فيما عرف اليوم بتنظيم داعش الذي أعلن قيام الخلافة الإسلامية هناك تحت قيادة زعيمه البغدادي.
جميعنا يعلم أن الإدارة الأميركية سواء كانت تدار من قبل الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي هي إدارة استغلالية ولا تبحث إلا عن مصلحتها ومصلحة النخب التي توالي اللوبي الصهيوني هناك، فهي تبيع السلاح وتدمر الشعوب مظهرة وجهاً حسناً بفعل قبيح، وأعني بذلك أنها تشن الحروب مدعية إزالة الأنظمة الدكتاتورية وإحلال أنظمة ديمقراطية مكانها من خلال الحروب ودمار الشعوب، رافعة شعارا تؤكد من خلاله أن من لم يرتبط بسياساتها ولم يؤيدها فيما تفعل فهو ليس معها وتعتبره من خصومها، فكل من لم يكن معها فهو ضدها، إلا أن ما جرى في عهد أوباما خصوصا في الفترة الثانية منه لا يختلف اثنان على أنه أصبح ضرباً من التخبط غير المدروس، خصوصا بعد اندلاع الثورات وأعمال الفوضى في عدد من البلدان العربية التي سقطت في بعضها الأنظمة الحاكمة، ومازالت الحروب وأعمال التخريب مندلعة في بعضها الآخر، حيث تمثل تخبط الإدارة الأميركية في ضبابية موقفها وعدم وضوحه وموضوعيته تجاه الأحداث، خصوصا فيما يتصل بأحداث المملكة التي تخبطت الإدارة الأميركية في مواقفها مما يجري على أرض الواقع، وتدخلت بصورة سافرة وغير مراعية للأعراف الدبلوماسية في صلب ما يمس الشأن الداخلي للمملكة، وكان آخر هذه التدخلات وليس الأخير منها الزيارة التي قام بها مساعد وزير الخارجية للشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان لأعضاء كتلة الوفاق للاستماع إلى وجهة نظرهم حول ما يجري من أحداث، وغض الطرف عن الاتجاه المخالف لهذه الكتلة، حيث اعتبر هذا الشخص بذلك غير مرحب به، وطلب منه مغادرة أراضي المملكة فوراً لانتهاكه الأعراف الدبلوماسية.

زبدة القول
لا أعني عندما أقول إن الإدارة الأميركية تتخبط في ظل المتغيرات المتسارعة في المنطقة أنها لا تدرك ماذا تفعل، فالجميع يعرف أن هذه التوجهات تبنى على دراسات مستفيضة واستشارات من متخصصين، وعليه فإن ما أعنيه في ذلك يتمثل بأن أبعاد ما تقوم به الإدارة الأميركية يعكس بجاحتها باللعب بالنار بطريقة قد تجر المنطقة إلى ويلات لا تحمد عقباها، ولا يمكن احتواؤها إن تفلتت من العقال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .