العدد 2107
الثلاثاء 22 يوليو 2014
banner
الحركة الشعوبية من ماضيها إلى حاضرها (10) د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الثلاثاء 22 يوليو 2014

لم يكن العرب مرتاحين لسياسة جارهم الشاه، وطبع علاقته بإسرائيل واحتل الجرز الإماراتية، وساند تمرد أكراد العراق بالمال والسلاح، وحين لاحت بشائر الثورة الإسلامية 1979 كانوا يأملون منها تصحيح علاقة إيران بالعرب، ولاسيما أن الثورة ترفع شعار تحرير فلسطين، لكن الأيام كانت كفيلة بتبديد الأمل، وحل محله الشعور بالخيبة والمرارة، لم يختلف الإسلاميون الجدد عن سلفهم الشاه وعن أسلافهم الصفويين، في نزعتهم الشعوبية المتعالية، وبدا أنهم يطمحون لاستنساخ صورة مستلة من مخلفات الحكم الفاطمي وأحفادهم الصفويين، في التطرف والغلو المذهبي، يقول الخميني في كتاباته: “إن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مُرسل” - ولا حول ولا قوة إلا بالله - وازدادوا غلوا بنظرية ولاية الفقيه وما دبرت إلا لسحب السلطة الدينية من آل البيت إلى يد أتباعهم، وأصبحت المراجع من باب الضرورة غير عربية تتوشح بعمامة سوداء.
جمع الخميني بنظرية “ولاية الفقيه” السلطتين الروحية والزمنية له ولمن يأتي بعده، حتى ظهور الإمام المنتظر، فرفضتها حوزة النجف العلمية العربية، وعدتها خارجة عن الإرث الشرعي التقليدي للشيعة. وأبى الإمام موسى الصدر الانصياع لها متمسكا بعروبته، واعترض العلامة السيد محمد علي الحسيني رئيس المركز العربي الإسلامي علانية على محاولات الإيرانيين التخلص من علماء الشيعة العرب. كون التشيع العربي “من دون تعصب”. والعرب يرفضون “شتم الصحابة”. وناشد خامنئي “إذا كنت تطالب بالوحدة عليك أن تهدم قبر أبي لؤلؤ، قاتل الخليفة الراشدي الثاني لأن هذا القبر أذية لقلوب ملايين المسلمين وعليك إحراق كُتب الفتنة التي تدعو للعن الصحابة التي توزع مجاناً في إيران”. ولا من مجيب!
ورفض آية الله حسين المؤيد رئيس التيار الوطني العراقي النهج الصفوي للقيادة الإيرانية، وخشية تصفيته جسدياً هرب إلى الأردن، وهرب بعده الإمام محمد جواد الخالصي الأمين العام للمؤتمر التأسيسي الوطني العراقي إلى سوريا، ولا علم لي أين هو الآن. ومن بقي بالداخل من العلماء الشيعة تعرض لهجمات المليشيات الصفوية، منهم آية الله السيد أحمد البغدادي الحسني، والسيد الصرخي في النجف الأشرف، وغيره كثر، وقال أمين عام الهيئة العراقية للشيعة الجعفرية السيد رضا الرضا: إن إيران تستغل الاحتلال الأميركي في تشيّع المنطقة من البوابة العراقية، وأكد وجود مساع جدية تعمل عليها إيران بالتعاون مع عملائها لتحويل العراق إلى دويلات قائمة على أساس طائفي وعرقي، كما فعل الصفويون بإيران من قبل.
لقد دفعت معارضة غالبية المراجع العربية خصوصا خريجو الحوزة العلمية في النجف الأشرف أفكار الغلو، وإنكار ولاية الفقيه، المتنفذين الإيرانيين إلى اتباع سياسة تغييب المرجعية الشيعية العربية عقودا وتحجيم دورها تعمدا. واعتماد مرجعيات أعجمية ذات نزعة شعوبية معادية للعرب على الرغم من أن حوزة النجف العربية هي الأصل في تخريج العلماء، فمن مرجعيات الشيعة الرسمية آية الله علي السيستاني، فارسي من مشهد، وآية الله بشير النجفي هندي من جالندهر. وآية الله إسحق الفياض أفغاني من غزني، وآية الله سعيد محسن الحكيم فارسي من أصفهان ولادة النجف، ورغم الشكوك والأسئلة والتهم التي أحاطت بهم في الإعلام ووجها لوجه لا نجد ردا مسؤولا عما إذا كان الآيات الأربعة سادة ينتمون لآل بيت الرسول الكريم قطعا أم لا، فنحن نعرف إجمالا أن العربي وآل البيت يتلقبون بأصولهم العربية، ولا يلقبون بأسماء المدن والمهن والصفات التي اختص بها الأعاجم من دون العرب.
وإمعاناً في المكر والتدبير سعت الشعوبية الفارسية لإخفاء أمرها في الارتباط ببيت النبوة لشق وحدة المسلمين، وبعد أن تحكمت نشطت بنشر الأحاديث الموضوعة ونسبها للأئمة الأطهار، وكرست مظاهر البدع وممارساتها وطقوسا لم يعرفها الإسلام من قبل؛ كمواكب اللطم وشق الرؤوس بالسواطير ورجم الأكتاف بحلقات السلاسل الحديدية، والدعوة لجعل مرقد الإمام الرضى في إيران قبلة للمسلمين حتى لو افترضنا لأغراض الزيارة عوضا عن البيت الحرام تخليدا لدور بلاد الفرس الديني، وخلاصة ما يمكن التوصل إليه بيقين لا يقبل الشك، أن اليهود والمجوس الفرس تقاسموا الأدوار عبر التاريخ لإسقاط دور العرب الحضاري حقدا وكراهية. والثأر من العرب الذين مسخوا عبادة النار والشيطان وتعاهدوا وتعاونوا لإضعاف أمة العرب ومحاربتها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .