العدد 5899
الأحد 08 ديسمبر 2024
banner
خربشة ومغزى.. "القرنفل مسمار.. زهرته منمنمة"
الأحد 10 نوفمبر 2024

القرنفل الورده التي تعرفها الأُنثى قديما عزّ المعرّفة منذ دهور، تأتي به قوافل ومعها عقود القرنفل المجفف المميز بثبات الرائحة، وهو من التوابل التي تدخل في خلطات مذاق الطعوم ومنهم يطيب نكهة القهوة به. شجرته مخروطية مرتفعه دائمة الخضرة معمره.
قيل موطنه الأصلي هي جزر مولوكا بإندونيسيا المعروفة باسم جزر البهارات، وهي جزر باكان، ماكيان، موتي، تيرنات، تيدور، وكذلك جنوب الفلبين، وله زراعة في تنزانيا والبرازيل وجبال الإنديز ومدغشقر وبنغلاديش وباكستان وسريلانكا. وكانت الهند تستعمله وتتاجر به طيبا وعلاج وتوابل.
 
أما أسم المسمار له يعود أصله إلى كلمة clavus اللاتينية التي تعني المسار، وذلك بسبب شكل الحبوب.وكلمة قرنفل التي يستخدمها العرب فهي مستعربه كحال الفلفل والزنجبيل وغيره. وكذلك العرب يقولوا عن القرنفل المسمار والعويدي في الجزيرة العربية وعود النوار. ومما يُذكر أن علماء الآثار عثروا على بقاياه في مزهريات السيراميك في سوريا التي يعود تاريخها إلى 1721 قبل الميلاد، وهي تشير أن أحدا من عائلة هان الإمبراطورية الصينية القرن الثالث قبل الميلاد يحث زائريه بمضغ القرنفل تطهير وتطييب رائحة الفم.
 
العرب ومنهم العُمانيون لهم مكانة في التجارة القديمة عبر طريق الحرير، وتاجروا بالقرنفل وزيته مع أوروبا والصين ودول أخرى، وكانوا على دراية باماكن زراعته سواء في إندونيسيا أو جزيرتي بيمبا وزنجبار في تنزانيا التي تسمى أرض القرنفل لأن عدد أشجاره بضع ملايين. ومن أهميته رُسم كبشين من القرنفل في علم سلطنتي بيمبا وزنجبار السابقتين عام 1963. زنجبار هوى لها قلب الشاعر السوداني محمد المكي إبراهيم حين قال؛ بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت ،، من اشتراك اشترى فوح القرنفل من أنفاس أمسية ،، أو السواحل من خصر الجزيرة ،، أو خصر الجزيرة من موج المحيط.
 
القرنفل سلعة لها عبق تستهوي الكثير، ومنهم المرأة في البوادي حيث تصنع منه عقدا على مقاس جيِدّها تماماً ولا تخلعهُ قبل مرور عام أو أكثر لتستبدِلهُ بعقدٍ آخر، لانها تعرفُ مقدار أهميّة العقد، وهو يتجدد في رائحته الأنثوية كلما بلّلتهُ بالماء لتفوح منه عادة عقب كل استحمام وفي حالات التعرق.
 
هكذا المرأة الحرة في القديم تكافح لتغدوا كعبقِ قرنفل أو مثل زهرته الصغيرة المُنَمْنمة تبزغُ بحذرٍ شَدِيد وسط شوك الهُموم، تصبر على الفقر وصعوبة العيش والجوع دونما ضّيم  ومس كرامة وطُهر. أنفُها فَقَط يهمُها أن يظّل ناهضاً حتى تقول عن نفسها أنا شعاع لا اظلم الليل وَقّاد، يخجل شعاع البدر ساعة وقوفي.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية