المعرفة تصنيعها وأثرها تحوم حولها بحوث وندوات وتآليف، لأن المعرفة قوة وجهوزية تصنع حاضر، ومستقبل الأفراد، والمجتمعات والدول. والمعرفة كذلك هي جسر للابتكار. وعالمنا اليوم حاضن لتنافسية الآليات التقنية والرقمية الجديدة التي تفرض تحدي على المجال الأكاديمي والتعليم والإعلام.
كان يُنظر إلى المعرفة في الماضي على أنها اكتشاف بمعنى أن الحقائق كامنة في العالم، وعلى الذهن البشري وحركة العلم اكتشاف هذه الحقائق. بيد أن الأمر اليوم صار مختلفا إذ صارت المعرفة إنتاج وتصنيع مُبرمج حيث يتم توجيه الذهن نحو إطار معرفي معين وفق منظومة محددَّة للبحث. حركة المعرفة في عصرنا لا تسير على تلقائية قديمة إنما لها مؤسسات تقودها كما للفكر مراكز تُوجِّه. ولهذا الرؤية المعرفية الكلية أخذت بُعدا حول الإنجازات التقنية المتخصصة في الرقميات والذكاء الاصطناعي، بينما الكشف العلمي التقليدي نحى للتطور الجزئي وتحسين تطبيقاته واستمرارية بحوثه.
تصنيع المعرفة أحدث تباين بين الدول حتى أصبح اللحاق بالمتقدم تحدي يرتهن بالمُقدرات، ولهذا تجد عوامل الاستغلال عند القوي، ودوافع اللهاث للمتأخر أمرا لا بُدَّ منه. وهنالك من المعرفة ما هو متاح، وفيها ما هو قوى ناعمة تغزو وتتمدد لربط الضعيف بالقوي.
نتاج المعرفة هو توالد من منظومة سابقة والتي تسمى النموذج Paradigm ، ولكثرة ما كان النموذج باهض التكاليف للتوصل اليه، وهذا يفرض معاناة على من لا يستطيع، وأحيانا لا يُعطى النموذج إلا في إطار شروط يستفيد منها مالك المعرفة. ولهذا سبيل تصنيع المعرفة يتطلب معالجة واقع الحال والاستبصار لآفاق المستقبل واستقلاليته، وهذه أمانة في عُنق القادة والرواد والأجيال.
تبني المعرفة هو إزاحة للتشتت والإستغراق في الجهل، وهذا يقتضي جهود داخل المجتمعات والدول في تفعيل؛ إجراءات تطال المسار الأكاديمي لتضع صناعة المعرفة والإبتكار أولوية، وإدراك أن المعرفة الرقمية مهمة، وفهم أن ما نبنيه اليوم من تصورات ومعارف لا يدخله إجترار وتكرار، وإعطاء أهمية للمخترعين والمبادرين، وتقدير العلماء في دعم بحوثهم العلمية في مجال صناعة ونشر المعرفة. وإجْلال المعلمين والقدوات.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |