العدد 5645
الجمعة 29 مارس 2024
banner
احمد عبدالله الحسين
احمد عبدالله الحسين
كيف فُتِحَت الهند للإنكليز
الأحد 05 فبراير 2023

الإنكليز ساروا في فتحهم الهند على نفس أساليب دو بليكس الفرنسي (1763-1697)م، ولا غروا ان ينطق مؤرخ إنكليزي كبير "ماكولي (1800-1859)م" بقوله؛ دو بليكس هو اول من أدرك إمكان إقامة إمبراطورية أوربية في الهند على أنقاض المملكة المغولية. فقد وضع هذا الداهية ذو النظر الثاقب خطة ذلك حين كان أمهر موظفي الشركة الانكليزية لا يفكرون في غير تنظيم قوائم الأوساق؛ اي الأحمال وحساباتها، ولم يقتصر دو بليكس على انتحال غرضه بهمّه، فقد قَدَّر ببصره الحديد الوسائل المؤدية الى بلوغ ذلك الغرض، فرائ ان جميع ما يُمْكِن امراء الهند ان يحشدوه من الجيوش في ميدان القتال لا يقدر على مقاومة فئة قليلة من الجنود المدربين الذين يُقادون بحسب فن الغرب الحربي. 

ورائ ايضا أن أفضل ما يستطيع ان يتمسك به أفَّاقٌ (متحايل)اوربي ليصل الى الحكم في الهند، هو ان يوجه الأحوال والأهواء لتمكين علوه وجاهه، وأن يتكلم بلسان إحدى اللُّعَب الفخمة التي تحمل ألقاب الملوك او الأمراء اي أبراز مكانته. فكان دو بليكس أول من طبق فنون الحرب والسياسة التي سار عليها الإنكليز بعد سنوات قليلة مُوَفَّقين.

ثم كرر الفيلسوف الإنكليزي ستيوارت (1806-1873)م ما قاله ماكولي تقريباً عندما بحث أسباب فتح الإنكليز للهند فقال؛ "أن الاكتشافين المهمين اللذين انتهى الفرنسيون إليهما لفتح الهند هما؛ ضعف جيوش الأهالي تجاه الكتائب الأوربية المدرَّبة، وسهولة تدريب من يستخدمهم الاوربيون من الأهالي على النظام الأوربي الحربيّ". الإنكليز بمكرهم ودهائهم أضافوا مبدأ ثالث على الفرنسيين وهو؛إمكان تدويخ مستعمرة بأموال أهاليها المغلوبين ورجالهم.

وبهذا استطاع الإنكليز برجال الهندوس واموالهم، وإن شئت فقل بجنود غير جنودهم ونقود غير نقودهم أن يستحلوا الهند. وهذا ما تم في الهند التي دانت للإنكليز بحيوش مؤلفة من الهندوس، وبأموال أدتها حكومات من الهندوس. 

وقد يعجب الإنسان اول وهلة من قهر تلك الملايين الكثيرة بسهولة، مع انه يجب ان تكون جيوش الفاتحين مؤلفة من جنود كثيرين لا من بضعة آلألف من الجنود، ولكن عجبه يَبْطُل إذا ادرك ان الهند ما هو الا تعبير جغرافيّ لا اكثر، وأن الهند بلاد فيها شعوب مختلفة أشدَّ الاختلاف، وأنها لا تحتوي على ما يُعرف من معنى الأمة الواحدة. أي وحدة العرق واللغه والمشاعر المؤدية الى وحدة المصالح، وأنها لا تشتمل على قومية هندية واحده بل فيها تجذر للطبقية.

وبالدهاء اصبح سلطان الإنكليز قوياً، إذ تمكنوا ان يكونوا ثلثا الحاميات العسكرية من السكان الأصليين موالية ومخلصة لفئة قليلة من الإنكليز التي كانت تقودها. وبهذا الهند بخيراتها وما فيها قرابة قرن تحت التاج البريطاني، والملكة فيكتوريا امبراطوره عليها.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .