العهد البهلوي يُنسب الى رضا خان الذي كان جنديا ذكيا مثابرا صارما قاسيا بالجيش القاجاري (القاجار سلالة تركمانيه)، وكذلك عُرفت شخصيته انه يتمتع بثقة عالية التي اسْتحَالت بعدها الى غرور رسمت معالم أسلوبه في حكم إيران لاحقا.
وُصف رضا خان بانه نشأ فقير غير متعلم، ووصفه اخرون بانه ينحدر من طبقة وسطى. ولد رضا خان عام 1878م في مازندان، وتسمى قديما طبرستان وهي تقع بين جبال البزر وبحر قزوين. اتخذ رضا خان لقب بهلوي وهي تعني صاحب الجلالة وهذا فعله قبل سقوط حكم القاجاريين.
عُرف عن رضا خان ميوله الشديد للفكر القومي الذي تُلهمه منطلقاته الايدولوجية الآريانيه الفارسية التي شكلت نظرته حينما حكم. رضا خان كذلك تبنى مبادئ ترتكز على التحديث والمركزية والعلمنة وفرض اللغة الفارسية على الأقليات اللغوية.
الشاه احمد ميرزا القاجاري حاكم بلاد فارس كان يثق في بداية أمره برضا خان، ولكن هذا لم يدم طويلا حتى بدأ يشكك في طموحاته سيما ان لرضا خان يدا مطلقه في تنظيم الجيش، ومكانه مكنته لكسب بعض الحداثيين داخل ايران، وتأسيس علاقات جيده مع المبعوثين البريطانين والسوفيت ليصبح الحصان الرابح عند بعضهم.
رضا خان في ظل هذه الظروف وتأييد أنصاره، استطاع ان يتسلم رئاسة الوزراء وإزاحة (قوام السلطنه)الذي كان رئيس الوزراء، مستغلا فُرصة زيارة الشاه احمد ميرزا القاجاري لأوربا، وفي ظل ظروف كان يعلمها أن ليس هناك تعاطف مع القاجاريين في الدوائر السياسة.
رضا خان بعدها اجتهد في كسب تأييد المؤسسة الدينية، فالتقى الشيخ عبدالكريم الحائري اليزدي الذي اصبح المرجع الأوحد في ايران وضم اللقاء كذلك علماء اخرين.
كانت نصيحة العلماء في لقائهم مع رضا خان انهم لن يعارضوا محاولته ان يصبح ملكاً دستورياً بعد ذهاب القاجاريين، مما دفع رضا خان على الإطاحة بالحكم القاجاري الذي دام 134عام، واعتلى على عرش الحكم عام 1925م. اظهر الشاه رضا بعدها إخلاصه للمؤسسة الدينية، وقام بتنظيم وقيادة مسيرات حداد من الجيش على ارواح شهداء كربلاء التي وفرت له مزيد تأييد علني من المؤسسة الدينية، بل تلقى الشاه منهم هدايا من خزائن العتبات في النجف وغيرها.
تمكن رضا خان اثناء حكمه في تعزيز سلطته، وبناء القوات المسلحة، ووضع حد للفوضى في مركز الدولة ومحافظاتها، وعمل على دفع مزيد من الأيدلوجية الفارسية التي كانت منتشرة بين النخبة القومية الحداثية، وكذلك استمر في سياسة التحديث مع تعزيز المركزية في والسلام. إلا أنه سرعان ما تحول الى حاكم مستبد ينظر الى رعاياه وأملاكهم بل الدولة باكملها على انها ممتلكاته هو.
كثيرا ما يُشبه رضا شاه بمصطفى كمال اتاتورك الذي أقام الجمهورية التركية. كان رضا شاه معجبا بمصطفى كمال محاولاً تقليده، وكانت أولويته الجيش وزيادة حجمه وتحديث معداته واستغل عوائد النفط التي تشكل 13% من ايرادات الحكومة لهذه الغاية. النفط تم اكتشافه عام 1908م في بلاد فارس، وتشكلت حينها شركة النفط الانكليزية الفارسية (ابوك)وحصة اسهم الحكومة البريطانية فيها 51%.
في عهد رضا شاه عام 1935م تم الطلب الرسمي لدول اوربا والعالم لاستخدام اسم ايران بدل فارس، وذلك للتأكيد على الأصل الإيراني الآري للدولة ظنا من الشاه ان ذلك سوف يزيد من مكانة ايران عند الغرب، ويُروى أن أقتراح فكرة تسمية ايران كانت من الضباط الألمان النازيون الى الدبلوماسيين الايرانيين في برلين الذين أوصلوها الى طهران.
زار رضا شاه تركيا متاثر بالاتاتوركية، إذ حدى به الى فرض زيّ جديد مبنيا على حداثية قومية، شملها قانون صدر عام 1928م يلزم جميع الرجال الإيرانيين بارتداء الزِّي الأوربي سترة وبنطال والقبعة، تماشيا مع اُسلوب العلمنة وابقى العلماء والوعاظ زيهم المعتاد. وتبع ذلك مرسوم عام 1936م بنزع الحجاب الذي احدث انتقادات مجتمعية واعتراضات أغلبية النساء آنذاك، ترادف هذا مع نشاط الحملات المطالبة بحقوق المرأة التي بدات مبكرا في فارس متمثلة بصدور مجلة المرأة عالم النسوان، وصاحبة المجلة ورئيسة تحريرها نوابة خانم صفوي حيث كتبت في افتتاحية المجلة عام 1921م؛ " ما حكّ ظهرك مثل ظفرك " اي لا ينتظر من الرجال المساعده في قضيتهن بل عليهن العمل بأنفسهن.
التحديث كذلك في عهد رضا شاه شمل توسعة المدن والحواضر، وأبرزها طهران، وهدم المنشآت القديمة لخلق شوارع اكبر.والمعروف أن رضا شاه في تطوير ايران تراكمت ثرواته الشخصية حينما وضع يده على المال العام والحقوق في القرى والأراضي الزراعية والغابات.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |