+A
A-

رئيس “دراسات”: مساع إيرانية لعرقلة مسيرة الإصلاح الناجحة في البحرين

أكد رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات) الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أن مشروع إيران للهيمنة والتوسع وآلياته المختلفة، ودور قطر التخريبي وتدخلها في شؤون الدول الداخلية، وارتفاع وتيرة الإرهاب التقليدي والسيبراني، وتهديدات الملاحة الدولية وأمن الطاقة، والتداعيات الناجمة عن خطط التحديث الاقتصادية، تمثل أبرز التحديات الأمنية التي تواجه منطقة الخليج كجزء حيوي من منطقة الشرق الأوسط والعالم.

وقال خلال كلمته في افتتاح “منتدى مراكش للأمن” في دورته التاسعة، والذي نظمه المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية بالشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية خلال الفترة من 9 - 10 فبراير الجاري بعنوان “التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات” بحضور مسؤولين وخبراء ومتخصصين ومنظمات دولية: إن منطقة الشرق الأوسط تعتبر بيئة عالية المخاطر في العديد من مناطقها، وهناك تحديات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، تمثل خزان أزمات يهدّد الاستقرار والتنمية.

وأوضح أن منطقة الخليج العربي تشهد بحكم موقعها الاستراتيجي وأهميتها الحيوية، تغيرات نوعية من حيث العمق والشمول والمدى الزمني، وإعادة تعريف وتقييم مفهوم “الأمن الخليجي” في أولوياته وحدوده ومرتكزاته، جراء خطورة التحديات الأمنية الناشئة والممتدة، وتشابك الأدوار والتفاعلات مع البيئتين الإقليمية والدولية.

وأكد الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أن المشروع الإيراني التوسعي منذ العام 1979 والذي يقوده نظام ولاية الفقيه، الراعي الأول للأصولية الدينية المتشددة التي تقترن بوسائل غير مشروعة، تنتهك كافة الأعراف والقوانين الدولية، مبينًا أن إيران تنفذ برنامجًا واضحًا لاختراق الدول وهو ما يعرف بـ “حروب الجيل الجديد” انطلاقًا من رغبة لإعادة حلم الإمبراطورية الفارسية البائدة، حيث تنخرط في عمليات واسعة النطاق لتصدير الثورة فيما يسمى “المجال الإيراني” عبر إنشاء وتمويل المليشيات والأحزاب الإرهابية وتزويدها بالأسلحة، وبث الإعلام الموجّه.

وشدّد رئيس مجلس الأمناء على أن خطر إيران لا يكمن فقط في منعها من امتلاك السلاح النووي، وإنما يتعلق أيضًا بدورها في صناعة وتمويل ورعاية الإرهاب، وزعزعة أسس الاستقرار لدول المنطقة، إلى جانب نشاطها في تطوير الصواريخ البالستية، وتهديدها للأمن البحري وإمدادات الطاقة من خلال التلويح مرارًا بإغلاق مضيق هرمز، إلى جانب تهديد الميلشيات الحوثية بعرقلة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب.

وأوضح أن إيران تحاول وضع عقبة في طريق مسيرة الإصلاح الناجحة في مملكة البحرين من خلال الأصولية الدينية الموالية لها وخلايا الإرهاب التي يتم تدريبها في معسكرات الحرس الثوري، وتزويدها بالأسلحة والمتفجرات. وفي هذا الصدد، أحبطت الأجهزة الأمنية خلال عام 2017 فقط العديد من الخلايا الإرهابية المسلحة ذات ارتباطات بإيران... وهناك 25 شهيدًا في صفوف شرطة البحرين منذ العام 2011، فضلا عن ما يقارب 200 حالة عجز دائم، وآلاف الإصابات المختلفة.

 

الإرهاب السيبراني

واستعرض رئيس مجلس الأمناء دور قطر التخريبي في منطقة الشرق الأوسط باعتباره تحديًا أمنيًّا آخر، مبينًا أن المواقف القطرية منذ عام 1995 تُظهر استهداف العديد من دول مجلس التعاون والدول العربية المحورية بشكل دائم وممنهج، بعد أن وضعت الدوحة نفسها كإحدى أدوات مشاريع الفوضى والتقسيم في المنطقة، وجندت مواردها المالية والإعلامية لتحقيق هذا الغرض.

وقال: إن مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، منحت الكثير من الفرص للنظام في قطر لوقف ممارساته العدائية، لكنه أخّل بكامل التزاماته في اتفاق الرياض لعام 2013، والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية لعام 2014 واستمر في دعم ورعاية وتمويل جماعات الإرهاب، وتقديم الملاذات الآمنة لها، وأطلقت العنان لوسائل الإعلام التابعة لها لبث خطاب التحريض والكراهية.

وحذّر من خطر الإرهاب كتحدٍّ قائم مع صعود خطر الجماعات الراديكالية والتنظيمات والمليشيات الإرهابية، وتفشي إيديولوجيات التطرف، وثقافة العنف الديني، وفي الوقت ذاته يمثل تجسيدًا ونتيجة للتحديين السابقين.

وأوضح أن الإرهاب السيبراني أضحى خطرًا داهمًا عموما ولدول الخليج على نحو خاص باعتباره يشكل تهديدًا غير تقليدي، ففي النصف الأول من عام 2016 تعرضت المؤسسات الحكومية البحرينية لحوالي 3000 هجمة إلكترونية أي بمعدل 500 هجمة شهريًّا، استهدفت أعمال الحكومة وبيانات المواطنين أيضًا. ومعظم تلك الهجمات مصدرها إيران وتم التصدى لها.

وبيّن رئيس مجلس الأمناء أنه في ظل اكتفاء المجتمع الدولي بالإدانة والشجب ضد التحديات القائمة، جاء تحرك دول الخليج المعتدلة بقيادة المملكة العربية السعودية لإعادة الأمور إلى نصابها فتم إنشاء “التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن”، وتأسيس “التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب” انعكاسًا لقناعة لدى صانع القرار في هذه الدول بأن حماية الأمن الوطني والجماعي هو مسؤولية دولها في المقام الأول، كما يحمل هذا التحرك في طياته رسالة تحذير مباشرة بأن أي محاولة للعبث بأمن الخليج ستكون عواقبها وخيمة.

وقال في كلمته: إنه بعد أيام قليلة سوف تحتفل مملكة البحرين يوم 14 فبراير بالذكرى السابعة عشرة لإقرار ميثاق العمل الوطني باجماع وتوافق شعبي، ويعتبر حدثًا فاصلاً ومحوريًّا في تاريخ البحرين، كمشروع وطني ذاتي وشامل بقيادة عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يلبي التطلعات الشعبية، قدّم ومازال مبادرات وإجراءات للإصلاح والتطور الديمقراطي، وحماية الحريات الدينية، وتمكين المرأة، والاستثمار في العنصر البشري، وتحقيق معدلات تنموية مرتفعة، بدعم ومساندة من رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان ال خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. ففي ظل أزمة اقتصادية عالمية وانخفاض أسعار النفط، تبذل مملكة البحرين مساعي جادة وحثيثة لتحويل اقتصادها إلى الاعتماد على تنويع مصادر الدخل، وريادة الأعمال، وتوطين الصناعات والمعرفة، وتقديم الحوافز الاستثمارية.

وتابع: ما يميز المشروع الإصلاحي هو الحرص على التطور والتجديد، وتعتبر رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ترجمة لهذا النهج، والتي جاءت سباقة في توقيتها ومضمونها، استنادًا لمبادئ الاستدامة والتنافسية والعدالة.

وخلص رئيس مجلس أمناء مركز “دراسات” إلى أن رؤية المركز تهدف إلى بلورة منظور استراتيجي واقعي شامل للأمن، يسهم في بناء نسق إقليمي مستقر ومتوازن، للتعامل مع التحديات ومصادر التهديد المختلفة، داعيًا إلى تضافر جهود المراكز والمؤسسات البحثية لدعم جهود دول الاعتدال الرامية إلى مواجهة التحديات التي تؤثر على السلم والأمن الدوليين، وتحويل الموارد التي تنفق على الصراعات إلى فرص للتنمية المستدامة، من أجل عالم أكثر استقرارًا ورخاءً.