إنترنت الأشياء وما يحمله من الزخم التقني، يعود بصفة أساسية لوﺟﻮد أﺟﻬﺰة اﻻﺳﺘﺸﻌﺎر اﻟﺬﻛﻴﺔ واﻟﺸﺒﻜﺎت وﻧﻘﺎط التواصل التي أصبحت تغطي كل ركن في عالمنا وفي يد كل شخص في كل مكان وزمان. وﻣﻊ اﻟﺘﻘﺪم التقني المطرد ﻓﻲ ﻗﺪرات اﻟﺤﻮاﺳﻴﺐ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ واﻟﺘﺨﺰﻳﻨﻴﺔ واﻟﺬﻛﺎء اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ المتطور، فإن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟتأﻛﻴﺪ سيشهد ﺗﺤﻮﻻ ﻛﺒﻴﺮا ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻋﺒﺮ كافة وسائل التقنية وخاصة اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ وما سيتبعه من الوسائل الأخرى.
ومن الناحية القانونية، ﻓﺈن ﺗﻘﻨﻴﺔ “إﻧﺘﺮﻧﺖ اﻷﺷﻴﺎء” أﺛﺎرت وﻣﻨﺬ ﻇﻬﻮرﻫﺎ، في المجال الصحي مثلا، ﺟﺪﻻ ﺣﻮل اﺧﺘﺮاﻗﻬﺎ ﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻦ، ﺣﻴﺚ ﺳﺘﺘﺎح اﻟﺘﺤﺪﻳﺜﺎت اﻟﻠﺤﻈﻴﺔ ﺑﺨﺼﻮص ﺿﻐﻂ اﻟﺪم واﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻔﻴﺰﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﺠﺴﻢ إﻟﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻣﻲ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ، وذلك قبل الحصول علي موافقة المريض.. وفي هذا تعدي للخصوصية ومخالفة لقوانين وأخلاقيات مهنة الطب. ولا بد من توفير الضمانات القانونية والأخلاقية للمرضي حتي عند استخدام “انترنت الأشياء”. وهذا يحتاج لتوفير الضوابط القانونية حتي لا تغرد التقنية خارج سرب القانون. ولذا لا بد من التقنين ويجب أن يكون مسار التقنية، وفي جميع الأحوال، تحت مظلة القانون وفي حماية القانون.
ان الأعمال التي تتم نتيجة لازدهار وزيادة “انترنت الأشياء”، وبسبب تداخل “الأشياء” وتداخل بروتوكولات الانترنت، قد تحتاج لتعريفات قانونية واضحة لتحديد كنه هذه الأعمال ودور والتزامات وحقوق وواجبات كل من يشارك فيها. نقول هذا، نظرا لأن كل عملية قد يتداخل فيها العديد من الأطراف وبدرجات مختلفة، ولكن تحديد حقوق والتزامات كل طرف في غاية الأهمية حتى يتم تحديد المسؤولية القانونية المباشرة. وكذلك في جميع المراحل يجب أن يعلم كل طرف أين يقف وما هو دوره؟ وهذا هام من الناحية القانونية ويجب الاهتمام به واعداد المستندات القانونية والعقود واللوائح الضرورية لتجنب المخاطر القانونية. وعلينا جميعا وفي كل القطاعات الاستعداد حتي نجني الفائدة ونحن نطور أعمالنا ونشاطاتنا مستفيدين من التقنيات الحديثة وليدة “انترنت الأشياء”. وإذا لم نستعد سيفوتنا القطار ونفقد الفرص العديدة ويتجاوزنا التاريخ كما حدث للعديد من الصناعات المهمة والحضارات التليدة التي سادت ثم بادت.
من النقاط القانونية الهامة أيضا، في نطاق الثورة التقنية الحديثة المتعلقة بتشبيك وتداخل “إنترنت الأشياء”، أن يتم توفير الحماية الكافية للبرامج التقنية “السوفت وير” والأجهزة التقنية “الهارد وير” المستخدمة في تشبيك هذه “الأشياء” مع بعضها البعض وكذلك من يستخدمهم ومن يستقبلهم. هذا لأن توسيع نطاق هذه النشاطات وتشبيكها سيفتح الباب واسعا أمام الجرائم السبرانية الالكترونية والمجرم الالكتروني الذي ينتظر هذه السانحة للانقضاض لارتكاب الجرائم الالكترونية السبرانية المتعددة وخاصة جرائم الانترنت السبرانية الخطيرة.. وهنا، نحتاج لقوانين عقوبات حديثة ومتطورة لتغطي الجرائم الالكترونية التي ستظهر بسبب انتشار تقنية “انترنت الأشياء”.
وللأهمية نقول، يجب أن يتم تعريف شامل واضح لهذه الجرائم السبرانية الالكترونية لردع المجرمين انطلاقا من قاعدة “لا جريمة بدون نص”. نقول هذا، مع الأخذ في الاعتبار ان الجرائم الالكترونية وبجميع أشكالها تعتبر من أكبر مهددات استمرار الثورة التقنية الحديثة.. ولكن حاجتنا الماسة للتقنية في كل مناحي حياتنا تجعلنا نلهث خلفها ولكن في نفس الوقت علينا أن نقف في وجه الجريمة الالكترونية عبر عدة سبل ومن أهمها إعداد القوانين الضرورية والكفاءات المتدربة الواعية بأصول وأهداف مكافحة كل هذه الجرائم الحديثة ومرتكبيها عديمي الضمير...
واذا أعددنا العدة القانونية والكفاءات القانونية سنوفر البيئة المناسبة للانتقال لكل مناحي ثورة تقنية المعلومات وسنستفيد من تقنية “انترنت الأشياء” والمراحل التقنية التي ستتبعها كنتاج وتطور طبيعي للثورة التقنية التي لن تتوقف، وخير دليل قوله جل جلاله “وما أوتيتم من العلم الا قليلا”، وستعلمنا الأيام أكثر وأكثر وعلينا الاستفادة القصوي مما نتعلم.