العدد 6064
الخميس 22 مايو 2025
banner
عندما تقطف يد أخرى ثمار تعبك
الخميس 22 مايو 2025

 تنتشر ظاهرة مؤسفة في عدد من جهات العمل، وهي سرقة العمل الفكري والتنفيذي ونسبه إلى شخص آخر غالبًا ما يكون المسؤول أو المدير، فيُكتب اسمه على العمل، ويُشكَر في الاجتماع، ويُكرَّم في الحفل، بينما صاحب الإنجاز الحقيقي يُهمَّش أو يُمنح كلمة “شكرًا” باهتة، إن ذُكرت أصلًا.
 الأسوأ أن هذا النمط لا يحدث عشوائيًّا، بل يُدار أحيانًا بذكاء سلطوي، حيث يُطلب من الموظف العمل في الخفاء، مع وعدٍ وهمي بالاعتراف، ثم يُقصى من المشهد عند لحظة الإنجاز. وفي الوقت الذي يرفع فيه المسؤول كأس النجاح في المؤتمر أو يتصدر الصورة مع الجائزة، يكون صاحب الفكرة أو التنفيذ منهمكًا في مهمة جديدة، يُراد له أن يبدع فيها مجددًا. والمؤسف حقًّا أن هذه الظاهرة أصبحت من الأمور المسلم بها، وكأنها شيء مشروع عرفيًّا في جهات العمل! متى أصبح المنصب يتيح لصاحبه أن يسرق؟ وهل القيادة تعني احتكار الإنجاز؟ وهل المجتهد في أي فريق مقدَّر له أن يكون دائمًا مجرد ظلّ؟
ما لا يُدركه هؤلاء المسؤولون أن هذا النوع من الاستغلال لا يقتل الحافز فقط، بل يخلق بيئة عمل مسمومة، لا تنمو فيها الثقة، ولا تدوم فيها الموهبة. متى سيعرف أولئك أن الأمانة هي التي تصنع الفضل، وأن القائد الحقيقي لا يُكرَّم على إنجازات غيره، بل يُكرّم لأنه أبرز من أنجز واحتضنه. إن إعادة الفضل لأهله ليست مسألة أخلاقية فقط، بل هي حقٌ مهني وإنساني. وبدون هذا الحق تنهار العدالة داخل المؤسسات، ويموت الإبداع أو يهرب إلى جهة أخرى يرى فيها التقدير والإنصاف.
فكم من عبقري في الظل.. وكم من مسؤول في الضوء لا يعرف حتى كيف نُفّذ العمل الذي يُشكر عليه.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .