العدد 6059
السبت 17 مايو 2025
banner
النظام الإيراني بين العصا والجزرة
السبت 17 مايو 2025

وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيارته الأخيرة للسعودية النظام الإيراني أمام الأمر الواقع، وبين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يقبل النظام الإيراني التعايش السلمي مع جيرانه والعالم الخارجي ويتخلى عن برنامجه النووي، أو أن تستمر العقوبات القصوى عليه، وهو بذلك أصبح بين العصا والجزرة الأميركية، وذلك بسبب أن النظام الإيراني كان وراء أغلب المشكلات والحروب التي حدثت في المنطقة، بما في ذلك تبنيه حركة الحوثيين في اليمن الذين أربكوا حركة التجارة العالمية البحرية في البحر الأحمر وباب المندب، وأكثر من ذلك شكلوا خطرًا على جيرانهم في السابق من خلال الطائرات المسيرة التي كانوا يستخدمونها لضرب أهداف لهم في دول المنطقة بدعم وتوجيه وتمويل من النظام الإيراني، وهو الآن يتبرأ منهم كما تبرأ من قبل من حزب الله في لبنان والفصائل الموالية له في سوريا والعراق.

حان الوقت ليدرك ملالي إيران أن الخريطة الجيوسياسية في المنطقة تغيرت إلى حد كبير وهي مستمرة في التغير، خصوصًا بعد حرب غزة، وما كان مقبولا في السابق من تدخل في شؤون الدول الأخرى أصبح مرفوضًا في الحاضر من قبل المجتمع الدولي، فلابد أن ترجع إيران كما كانت دولة لها سيادتها وإدارتها على شعبها فقط ولا تتدخل ولا تضحي بمصالح شعبها الذي وصل إلى مرحلة من الفقر وانخفاض في المستوى الاقتصادي وانهيار العملة الإيرانية.

ليغير ملالي إيران طريقة تفكيرهم ويتخلوا عن أوهامهم وأطماعهم التوسعية السابقة وإلا تعرضت إيران للتدمير كما حدث في مناطق أخرى، وليست أميركا فحسب هي التي تتوعد ولكن إسرائيل كذلك أكثر تهديدا كما صرح ويصرح قادتها الذين هم أكثر تصميمًا على تدمير المفاعل النووي الإيراني.

وفي زيارته الأخيرة للسعودية والإمارات وقطر واجتماعه بقادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، حيث كانت بالفعل زيارة تاريخية من حيث التوقيت والأهداف، وقع الرئيس الأميركي مع السعودية أكبر صفقة تجارية في جميع المجالات وفي الشأن السياسي، وقرّر إلغاء العقوبات عن سوريا، وكذلك أعاد في الرياض تصريحات ما توعد به النظام الإيراني، ووضع الرئيس الأميركي النقاط على الحروف حيث حثّ في خطاب ألقاه في المملكة العربية السعودية أثناء (المنتدى الاستثماري الأميركي السعودي) إيران على اتباع “مسار جديد وأفضل”، في سعيه للتوصل إلى اتفاق نووي جديد. وفي كلمته، قال ترامب إنه يريد تجنب الصراع مع طهران، لكنه حذّر من أن الوقت ينفد مع إحراز إيران تقدمًا سريعًا في برنامجها النووي. وأضاف قائلًا: “كما أوضحتُ مرارًا وتكرارًا، أنا مستعد لإنهاء صراعات الماضي وإقامة شراكات جديدة من أجل عالم أفضل وأكثر استقرارًا، حتى لو كانت خلافاتنا عميقة”. ثم عاد ليشدد: “إذا رفضت القيادة الإيرانية غصن الزيتون هذا... فلن يكون أمامنا خيار سوى ممارسة أقصى الضغوط، وخفض صادرات إيران من النفط إلى الصفر”.

وفي نظري أن الهدف غير المعلن لزيارة ترامب للمنطقة هو طمأنة دول الخليج العربي على أمنها السياسي والعسكري في حالة أقدمت أميركا على الحل العسكري ضد إيران، لذا لتكن قيادة إيران أكثر واقعية في التعامل مع المستجدات، وإذا كانت أميركا تميل إلى الحلول الدبلوماسية فإن إسرائيل أكثر ميلًا إلى الحل العسكري وستكشف الأيام القادمة نتائج مخاض كل الأحداث والزيارات التي تجري والسلام والاستقرار هو الأفضل لإيران والمنطقة والعالم بأكمله.

 

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية