العدد 6040
الإثنين 28 أبريل 2025
المصالح المتقاطعة في ميادين الموت
الإثنين 28 أبريل 2025

 قبل أيام من الهجوم الدامي الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 مخلفًا 1200 قتيل، كانت الولايات المتحدة - وهي الضامن الأمني للمنطقة - تتفاخر بأن الشرق الأوسط يعيش أكثر لحظاته هدوءًا منذ عقدين. وفي حين انهار كل شيء فجأة على مسار السلام، أشعلت إسرائيل واحدة من أكثر الحروب دموية في التاريخ الحديث، وهي حرب مدفوعة بالقضاء على حماس وإنهاء سيطرة الجماعة الإسلامية المدعومة من إيران على القطاع الفلسطيني الساحلي. ولا يزال الصراع مستمرًّا في غزة وسط دمار واسع النطاق وسقوط عشرات آلاف القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، وأزمات إنسانية لا نهاية لها في الأفق. ومع مرور عام ونيف على اندلاع هذه الحرب، يبقى السؤال الأهم: متى تتوقف آلة الموت؟
واقعًا، لكل حرب عواقب إنسانية وسياسية وأخلاقية، ولكن لا يمكن تجاهل أن هناك من يستفيد من عدم إسكات أصوات البنادق. في هذه الحالة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة حماس هم أبرز المستفيدين من استمرار القتال، كلٌّ لأسبابه الخاصة. “الملك بيبي” كما يطلق عليه محبوه، يعيش أضعف لحظاته السياسية، إذ وجد في الحرب فرصة للحفاظ على ائتلافه اليميني المتطرف، وتجنب المحاسبة على الإخفاقات الأمنية، والابتعاد عن المعارك القانونية في قضايا الفساد المزعومة، فيما تريد حماس التمسك بما تبقى من خيوط السلطة داخل القطاع من خلال خطاب المقاومة في ظل المأساة المتفاقمة.
على الأرض، تتقاطع رغبات عموم الغزيين والإسرائيليين في إنهاء هذه الحرب، فهناك احتجاجات متزايدة في تل أبيب والقدس لإيقاف الصراع واستعادة الرهائن، فيما تشهد غزة غضبًا شعبيًّا - وإن كان محدودًا - ضد حماس.
ويرى الطرفان أن استمرار الحرب بعد كل تلك المآسي والضحايا لا يخدم إلا المصالح الخاصة لنتنياهو وحماس.
الفلسطينيون يستحقون حياة كريمة أفضل، لكن بالتأكيد خارج إطار حكم الحركة الراديكالية التي زجّت بالسكان في مواجهة مفتوحة مع واحد من أقوى جيوش العالم.
المنطقة لا تحتاج للمزيد من الدماء؛ بل إلى إرادة سياسية حقيقية، تُنهي هذا النزيف وتفتح الباب لحلول عادلة تحفظ الحقوق والكرامة لجميع الشعوب.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .